القبائح صغيرها وكبيرها.
فيقول : ( إن آدم عليهالسلام لم يرتكب قبيحاً وأتى ما توجه إليه بصورة النهي ، كان المراد به ضرباً من الكراهة دون الحظر ، وإنما قلنا ذلك لقيام الدلالة على عصمته من سائر القبائح صغائرها وكبائرها فعلى هذا لا يحتاج أن نقول أنهما تأولا فأخطأ ) (١).
أما الطبرسي رحمهالله فيرى ان قول آدم وحواء عليهماالسلام : ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا ) (٢) معناه بخسناها الثواب بترك المندوب ، وبالتالي فهما لم يستحقا العقاب وإنما قالا ذلك لأن من جلَّ في الدين قدمه كثر على يسير الزلل ندمه (٣).
ويرى بعض المحدثين من علماء الإمامية في توجيه هذه الآيات ( إنها تكشف النقاب عن نوعية هذا النهي وتصرّح بأن النهي كان إرشادياً لصيانة آدم عما يترتب عليه من الآثار المكروهة والعواقب غير المحمودة قال سبحانه : ( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ ) (٤) ، فإن قوله سبحانه : ( فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ) صريح في أن امتثال النهي هو البقاء في الجنة ونيل السعادة التي تمتثل في قوله : ( إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ ) وأن أثر المخالفة هو الخروج من الجنة والتعرض للشقاء الذي يتمثل في الحياة التي فيها الجوع والعري والظمأ وحر الشمس ، وكل ذلك يدل على أنه سبحانه لم يتخذ لدى النهي موقف النهي
___________
(١) التبيان ٤ : ٣٧٣.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ٢٣.
(٣) مجمع البيان ٤ : ٥٠٦.
(٤) سورة طه : ٢٠ / ١١٧ ـ ١١٩.