السؤال ، وهو : لماذا اجتمع الأنصار في السقيفة ولم تكن مجريات الأحداث خافيةً على أحد ؟ والمهاجرون والأنصار يعلمون جميعاً أنّ المدينة تعيش المخاض ، وهناك تغيّرات تلوح في الاُفق ، وسرعان ما ستشهد حوادث مهمة. إن كل ذلك كان يخيّم على المدينة ، ولكن لم يكن هناك أحد يحيط بما سيقع على نحو التفصيل ؛ لأنّ هناك جماعاتٍ وجماعاتٍ تعمل للسيطرة على الحكم.
فالقضية واضحة النتائج إذن لأنّ علياً لن يصل إلى الخلافة ما زالت هناك ملابسات بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله . فهذا العباس بن عبدالمطلب ( عمّ النبي صلىاللهعليهوآله ) كان يراوده الشك ، هل سيتبوّأ عليّ مقام الخلافة ؟ وهل يرضىٰ الناس بذلك ؟ ولم تكن تساؤلاته توحي بالاستفسار عن الأجدر بهذا الموقع ، فهو لم يرَ أصلح من علي ، وطالما اقترح عليه البيعة (١). وليس هناك نصّ تاريخي يدلّ علىٰ أنّه كان يسأل عن الأولىٰ بالخلافة بعد النبي. نعم ، كان يتحرىٰ ويسأل : ماذا سيحصل بعد النبي ؟ هل أنّ الولاية ستستقرّ في بني هاشم أو لا ؟
ينقل الشيخ المفيد حواراً معبّراً يدور بين العباس والنبي ، حيث يقول العباس : إن يكن هذا الأمر فينا مستقراً بعدك فبشّرنا ، فقال النبي : « أنتم المستضعفون من بعدي » (٢). فليس السؤال عن الأكفأ ، وإنّما هل
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٧٦٧ ، الإمامة والسياسة : ٢١.
(٢) الإرشاد ١ : ١٨٤.