والغريب في البين ما قام به المستشكل من جعل العبارة الثانية لابن هشام مصدراً له ، ولعلّه لو اعتمد على عبارته الاُولىٰ لكان الأمر أهون.
هذا ، مضافاً إلىٰ أنّ خبر ابن هشام وابن إسحاق له ما يعارضه ، وذلك من قبيل الروايات التي تقول : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله دفن في عصر الاثنين ، أو ليلة الثلاثاء. فإذا قبلنا هذه الطائفة من الروايات فإنّ خبر ابن هشام الدالّ على انتهاء تجهيز النبي صلىاللهعليهوآله يوم الثلاثاء لا يمكن الاعتماد عليه ؛ وذلك لأنّه صلىاللهعليهوآله قد دفن قبل ذلك.
وهناك اختلاف كبير بالنسبة إلى يوم دفن النبي صلىاللهعليهوآله في الأقوال والروايات ، والقطع في هذا المجال أمر مشكل جداً ، وليس أمامنا سوىٰ ترجيح قولٍ على آخر وذلك باعتماد بعض القرائن.
فها هو الشيخ المفيد يعتقد بأنّ دفن النبي صلىاللهعليهوآله كان في يوم الاثنين (١) ، وتؤكد بعض الروايات كرواية عائشة أنّه قد دفن ليلة الثلاثاء ، وتقول : ما علمنا بدفن الرسول صلىاللهعليهوآله حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الثلاثاء في السحر (٢).
__________________
(١) الإرشاد ١ : ١٨٩ « وكان ذلك في يوم الاثنين » ، ويضيف «أنه لمّا تمّ لأبي بكر ما تمّ وبايعه من بايعه جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو يسوّي قبر رسول الله بمسحاةٍ في يده ، فقال له : إنّ القوم قد بايعوا أبا بكر».
(٢) المنتظم ٤ : ٤٩ ، الطبقات الكبرىٰ ٢ : ٣٠٥ ونقل عن عائشة روايات اخرى تدلّ على أن النبي دفن ليلة الأربعاء.