هذه نماذج من نقل الروايات المرسلة في بابٍ خاصٍّ من بين عشرات بل مئات الأبواب في التاريخ ، قد تمّ الاعتماد عليها والاستدلال بها والركون إليها من قبل اُولئك الذين يبالغون في السند ، فيما يتعلق بقضايا التأريخ.
رابعاً : ما يقوله المستشكل في مقدمة كتابه (١) : « على المؤرخ أن لا يقتصر نظره على الخبر ، بل لابد أن ينظر إلى أبعاده ، لأنّ الحكم على خبرٍ بصحةٍ أو ضعف قد يترتب عليه بالنظر إلى أبعاده إنكار حقائق ثابتة ، أو إثبات أشياءٍ تنفيها الحقائق ».
ثم يأتي بشاهدٍ من كلام مالك تأييداً لما ذكره ، حيث يقول : يقول الإمام مالك في الذين يقدحون في الصحابة : « إنّما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلىاللهعليهوآله فلم يمكنهم ذلك فقدحوا في أصحابه ».
فالخبر وإن صح سنداً ولكنّه يعتبر ضعيفاً إذا اشتمل على اُمورٍ وقضايا غير مقبولة ، كما إذا تضمّن عيوب أحد الصحابة. فلابد من البحث في المحتوى قبل دراسة السند ، ليتضح عدم تعارضه مع تصورات البعض ، وعندها يتمّ قبوله « وبذلك يصحّحون سنده !! ».
وفي هذه الصورة يفهم بوضوحٍ مغزىٰ كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ، حيث يقول : « هذا مرسل حسن ».
فهو مرسل وحسن ! وهكذا ما قاله ابن عَديٍّ بحقّ أبي مخنف :
__________________
(١) مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري : ٩ ـ ١٠.