وكانت مكتبة طرابلس ومدرستها «دار الحكمة» والمكتبات الأهلية كلها موجودة في منطقة الميناء الحالية ، حيث كانت تقوم هناك المدينة القديمة.
مصير مكتبة طرابلس
في سنة ٥٠٢ هـ ، ١١٠٩ م دخل الصليبيون مدينة طرابلس بعد أن قاوم بنو عمار حصارهم عشر سنوات متتالية ، وقد اندفع الصليبيون في شوارع المدينة يقتلون وينهبون ويحرقون وعندما وصلوا إلى دار العلم ، دخلها الكاهن المنقطع لخدمة الكونت «برترام بن ريموند الصنجيلي». وأخذ يطوف في أرجائها ، فوجدها ملأى بالكتب ، ويبدو أنه دخل القاعة المخصصة للمصاحف الشريفة ، فأراد أن يتصفح أحدها فوجده قرآنا كريما ، فألقى به أرضا ، وتناول نسخة ثانية فإذا بها قرآن كريم أيضا ، فألقى بها وهكذا كلما التقط نسخة وجدها قرآنا كريما ، وظل يفعل الشيء نفسه حوالي ٢٠ مرة ، فلما وجد أن جميع النسخ التي تصفحها كانت قرآنا كريما ، اعتقد بجهله أن المكتبة كلها لا تضم سوى المصاحف الشريفة أو التفاسير ، ولذلك غضب وتأججت في نفسه روح الصليبية وحقدها ، وقال غاضبا : «هذه مكتبة مملوءة بالمصاحف ، أحرقوها» ، فنزل الكونت برترام عند رغبته ، وهكذا نفذ أمر ذلك الكاهن المتعصب الجاهل وأميره الصليبي ، وأشعلت النيران في دار العلم التي أتت على جميع ما احتوته هذه المكتبة الثمينة ، حتى أصبحت أثرا بعد عين ولم يكن إتلاف المكتبة الرائعة سوى مقدمة لما حل بالمكتبات الإسلامية الأخرى ، من جراء الأعمال التدميرية التي أتاها المغول عندما اجتاحوا دول