في الوجه الأوّل ، فهي تامّة جزئيا لا كليّا ، وذلك : لأنّ دلالة كلمة ( لعل ) على المحبوبية والمطلوبية غير قابلة للإنكار ، فإنها تدلّ على مطلوبيّة ومحبوبية المدخول في كثير من الموارد كما في قولك : ( لعلّني أدخل الجنة ).
وأمّا ما ذكره المحقّق الأصفهاني من كون الأداة موضوعة للترقب الأعم من المحبوب والمبغوض فهو صحيح أيضا ، لكن تعيين أنّ المترقب هو المحبوب أو المخوف والمبغوض راجع للسياق ، وسياق الآية هنا يعيّن كون الترقب للمحبوب لأنّ التحذر في نفسه شيء حسن وجيّد لئلاّ يقع الإنسان في الخطأ.
فالوجه الأوّل لإثبات أنّ التحذّر واجب تام وبه يثبت الأمر الأوّل وهو وجوب التحذّر.
وقد يناقش في الأمر الثاني ـ بعد تسليم الأوّل ـ بأنّ الآية الكريمة لا تدلّ على إطلاق وجوب التحذر لحالة عدم علم السامع بصدق المنذر ، وذلك لوجهين :
المناقشة في الأمر الثاني : وقد يرد على الأمر الثاني وهو إثبات وجوب التحذر مطلقا بأنّه لا إطلاق في الآية الكريمة لحالة عدم علم السامع بصدق المخبر بالإنذار ، وإنّما هي مقيّدة بحالة علمه فقط ، ويمكن إثبات التقييد وبطلان الإطلاق بأحد وجهين ، ذكرهما الشيخ الأنصاري :
أحدهما : أنّ الآية لم تسق من حيث الأساس لإفادة وجوب التحذر ؛ لنتمسك بإطلاقها لإثبات وجوبه على كل حال ، وإنّما هي مسوقة لإفادة وجوب الإنذار ، فيثبت بإطلاقها إنّ وجوب الإنذار ثابت على كل حال ، وقد لا يوجب المولى التحذر إلا على من حصل له العلم لكنّه يوجب الإنذار على كل حال ، وذلك احتياطا منه في مقام التشريع لعدم تمكنه من إعطاء الضابطة للتمييز بين حالات استتباع الانذار للعلم أو مساهمته فيه وغيرها.
الوجه الأوّل : منع الإطلاق في الآية ، وذلك لأنّ الآية بصدد بيان أصل وجوب الإنذار على النافرين بهدف تحذير الناس وليست في مقام إثبات وجوب التحذر ، وإنّما قلنا بوجوب التحذر للملازمة بين الإنذار والتحذر لئلا تلزم اللغوية.
وعليه ، فما ثبت إطلاقه من الآية هو أنّ الإنذار واجب على النافرين على كل حال