الجديّة لا الاستعمالية أمكننا إثبات حجيّة الباقي بنفس كون العام مستعملا في معناه الموضوع له على نحو الحقيقة وهو الاستيعاب والشمول لكل الأفراد.
وحيث إنّنا ذكرنا سابقا أنّ المخصّص المنفصل لا يتدخّل في الإرادة الاستعمالية ولا في أصل انعقاد الإرادة الجديّة وإنّما يكشف فقط عن عدم حجيّة الظهور التصديقي من حين مجيء المخصّص المنفصل ، فهذا يعني أنّ التبعيض كان بلحاظ المدلول التصديقي الثاني لا الأوّل ، وبالتالي يكون ما ذكره صاحب ( الكفاية ) صحيحا ، لأنّنا نتمسّك بنفس العام لإثبات دخول الباقي في المراد استنادا إلى أنّ اللفظ لا يزال مستعملا في معناه الحقيقي فهو يشمل كل الأفراد تصوّرا وقد استعمل في ذلك تصديقا غير أنّه علم بخروج بعض الأفراد وأنّها ليست مرادة جدّا ، وأمّا الباقي فهو لا يزال على حاله لأنّ نكتة دخوله في الإرادة الجديّة غير مرتبطة بغيرها بل مستقلّة عن النكتة لكلّ فرد من الأفراد الأخرى.
ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى أنّ الاستشكال في حجيّة العام في تمام الباقي بعد التخصيص ـ على النحو المتقدّم ـ إنّما أثير في المخصّصات المنفصلة دون المتّصلة ، نظرا إلى أنّه في حالات المخصّص المتّصل كما في ( أكرم كل من في البيت إلا العشرة ) تكون الأداة مستعملة في استيعاب أفراد مدخولها حقيقة غير أنّ المخصّص المتّصل يساهم في تعيين هذا المدخول وتحديده ، فلا تجوّز ليقال : أيّ فرق بين مجاز ومجاز؟
هذا كلّه بالنسبة إلى المخصّص المنفصل ، وأمّا المخصّص المتّصل فلم يستشكل أحد في أنّ الباقي بعد التخصيص حجّة.
والوجه في ذلك : هو أنّه إذا قيل : ( أكرم كل من في البيت إلا العشرة ) دلّ ابتداء على أنّ أداة العموم موضوعة لاستيعاب تمام أفراد مدخولها فلا بدّ إذا من تحديد هذا المدخول.
وهنا لا بدّ أن يلاحظ كل ما ذكره في كلامه لتحديد مدخول الأداة ، وحيث إنّه ذكر ( كل من في البيت إلا العشرة ) فتكون الأداة داخلة على هذا المفهوم الذي أخرج منه العشرة أي أنّها داخلة ابتداء على التسعين وتفيد الاستيعاب والشمول لتمام أفراد