على طبق كلامهم من قبل المنذرين ، وإلا لم يكن لهذا الوجوب معنى ، لأنّه ليس واجبا لذاته ، إذ المفروض أنّه مغيّا بالتحذر.
ثانيا : أنّ وجوب التحذر واجب مطلقا ، سواء أفاد الإنذار العلم للسامع أو لا ، لأنّ الوجوه المتقدّمة لإفادته تقتضي ثبوته كذلك.
الأمر الثاني : وهو إثبات كون وجوب التحذّر مطلقا ، فيدل عليه نفس الوجوه الثلاثة المتقدّمة في إفادته الوجوب ، فيكون التحذّر واجبا سواء أفاد العلم للسامع أم لا ، لأنّ وجوب التحذّر قد وقع غاية للإنذار بنفسه سواء أفاد هذا الإنذار العلم أم لا ، لأنّ مقتضى إطلاقه هو شموله للموردين ، بل لو كان وجوب التحذر ثابتا حال إفادة الإنذار للعلم فقط لكان التحذر واجبا من باب العلم لا من باب الإنذار ، وهو خلاف الظاهر ، حيث كان التحذر غاية لنفس الإنذار ، بل يلزم أيضا لغوية الإنذار لو كان التحذر مختصا بحال العلم لأنّ الأغلب الا يفيد قول المنذر العلم فهو بحكم إلغائه أو تخصيصه بالفرد النادر.
ثالثا : أنّ وجوب التحذر حتّى مع عدم حصول العلم لدى السامع مساوق للحجيّة شرعا ؛ إذ لو لم يكن إخبار المنذر حجّة شرعا لما وجب العمل به إلا في حال حصول العلم منه.
الأمر الثالث : وهو إثبات حجيّة إخبار المنذر وذلك بأن يقال : إنّ وجوب التحذر عند الإنذار إمّا أن يكون مختصا بحال إفادة الإنذار العلم للسامع ، وإمّا أن يكون مطلقا سواء أفاده العلم أم لا ، فالثاني يعني الحجيّة التعبّدية لإخبار المنذر ؛ لأنّه حجّة ويجب التحذر عنده ، وإن لم يفد العلم وهو المطلوب ، والأوّل معناه أن يكون إخبار المنذر حجّة حال إفادته العلم فقط ، فيكون التحذر واجبا في هذه الحالة فقط ، إلا أنّه غير معقول في نفسه لما تقدّم من أنّ وجوب التحذر مطلق سواء أفاد قول المنذر العلم أم لا ، ولأنّه يوجب أن يكون جعل الحجيّة له مختصا بحال العلم.
ومن الواضح أنّ حجيّة العلم لا يعقل جعلها أو رفعها ، فلا يكون هناك معنى لجعل الحجيّة لإخبار المنذر إلا كونه حجّة مطلقا وإلا لزم جعل الحجيّة عند العلم وحجيّة العلم لا يمكن جعلها من الشارع.