نعم ، يمكن أن يكون وجوب التبيّن عن خبر العادل بعنوان آخر يشمله كعنوان وجوب التبيّن عن مطلق الخبر الظني غير المفيد للعلم ، فإنّه شامل للعادل وللفاسق معا ، أو يكون وجوب التبيّن مختصا بالفاسق فقط.
فعلى الثاني يثبت حجيّة خبر العادل ، وعلى الأوّل يلزم أن يؤخذ في المنطوق ما يدلّ على أخذ عنوان الخبر مطلقا وهو غير موجود في ظاهر الكلام ، فهو على خلاف الظاهر ، فيتعين كون وجوب التبيّن مختصا بالفاسق فقط دون العادل.
أمّا اللحاظ الأوّل للاستدلال بمفهوم الوصف فجوابه إنكار المفهوم للوصف ، خصوصا في حالة ذكر الوصف بدون ذكر الموصوف.
ويرد على الاستدلال بمفهوم الوصف أنّنا ننكر حجيّة مفهوم الوصف رأسا ، فيكون الاستدلال بمفهوم الوصف على حجيّة خبر العادل تامّا على مبنى القول بحجيّة مفهوم الوصف ، والمختار كما هو المشهور عدم حجيّته.
مضافا إلى أنّ الوصف إذا ذكر ولم يذكر الموصوف فيكون لقبا وهو أضعف من مفهوم الوصف ، فعدم تماميّة الاستدلال على هذا أوضح ، لأنّه إذا قيل : ( أكرم الفقيه ) فهذا العنوان لقب ؛ لأنّ الموصوف وهو العالم محذوف فلا يدلّ على عدم وجوب إكرام غير الفقيه من العلماء.
وأمّا اللحاظ الثاني للاستدلال فجوابه : أنّ وجوب التبيّن ليس حكما مجعولا ، بل هو تعبير آخر عن عدم الحجيّة ، ومرجع ربطه بعنوان إلى أنّ ذلك العنوان لا يقتضي الحجيّة ، فلا محذور في أن يكون خبر العادل موضوعا لوجوب التبيّن بهذا المعنى ، لأنّ موضوعيته لهذا الوجوب مرجعها إلى عدم موضوعيته للحجيّة.
ويرد على الاستدلال بمفهوم الوصف بخصوص الآية الكريمة أنّ وجوب التبيّن عن خبر العادل لو كان وجوبا نفسيا تكليفيا لكان من غير المحتمل أن يكون العادل بما هو كذلك موضوعا لحكم تكليفي بالتبيّن كما تقدّم في الاستدلال لعدم مدخليّة العدالة في وجوب التبيّن بنفسها.
إلا أنّ الصحيح إنّ الأمر بالتبيّن عن خبر الفاسق إرشاد إلى عدم حجيّته في نفسه ، ولذلك يجب التبيّن عنه ، فيكون وجوب التبيّن عن خبر الفاسق لسانا من ألسنة نفي الحجيّة ؛ إذ لا يعقل الأمر النفسي بالتبيّن لذاته ، وعليه فيكون إناطة وجوب التبيّن