فقطع بوله فقال : إن كان البول يمر إلى الليل فعليه الدية ، لأنه قد منعه المعيشة ، وإن كان إلى آخر النهار فعليه الدية ، وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية وإن كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية ».
وكأن قطع البول فيه بمعنى قطع مجراه أو شيء منه حتى لا يستمسك ، أو من التقطيع بمعنى التفريق الموجب للسلس ودوام الخروج شيئا فشيئا ، والشرطيتان الأولتان يحتملان الاتحاد معنى والتأكيد ، والاختلاف بأن يراد بالثانية الاستمرار إلى قريب من الليل لا إليه.
مؤيدا بالأصل ، لأن لزوم الدية على الإطلاق مما ينفيه أصالة البراءة ، فينبغي الاقتصار فيه على المتيقن الذي هو الصورة الأولى ، وأما الصور الباقية فالأصل عدم لزومها فيها أيضا ، وإثبات الثلث والثلثين وإن كان خلاف الأصل حيث يزيدان عن الحكومة ، إلا أنه جاء من قبل الإجماع وعدم قائل بها مطلقا فإن كل من نفى كمال الدية على الإطلاق قال بالقول الثاني المفصل على الإطلاق ، وعليه فليطرح الخبران (١) المطلقان للدية مع كونهما قضية في واقعة ، أو يحملان على الصورة الأولى خاصة التي هي أظهر الأفراد ، بل لعل الأخيرتين نادرتان.
لكن قد يناقش بعدم إجماع محقق خصوصا بعد ما حكي الفاضل في القواعد وغيرها القول بالدية إلى الليل ونصفها إلى الظهر وثلثها إلى الضحوة ، وإن كنا لم نعرف قائله كما اعترف به غير واحد ، بل لا شهرة محققة غير الخبر المزبور في ذلك خصوصا مع ضعف سنده بصالح بن عقبة الذي قيل فيه إنه غال كذاب لا يلتفت إلى روايته (٢) ، مضافا إلى ما فيها من الاغتشاش في المتن على رواية التهذيب والكافي (٣)
__________________
(١) يعني خبر غياث وقرب الاسناد.
(٢) مجمع الرجال ج ٣ ص ٣٠٦ نقلا عن ابن الغضائري. ولكن قال في معجم رجال الحديث : هو من رواة كامل الزيارات وتفسير القمي ولا يعارض التضعيف المنسوب الى ابن الغضائري توثيق ابن قولويه وعلى بن إبراهيم ، لان نسبة الكتاب الى ابن الغضائري لم تثبت فالرجل من الثقات ج ٩ ص ٨٢ ـ ٨٣.
(٣) الكافي ج ٧ ص ٣١٥ والتهذيب ج ١٠ ص ٢٥١.