وإنما تمثل هذه الأقسام الخطوط العريضة لمنازل الناس في الآخرة ، وکل واحد من هذه المنازل ينقسم إلى مجموعة من الدرجات والدرکات الجزئية بعدد النفوس التي تدخل تحت هذه المنازل الکلية ، باعتبار أن الحشر والحساب والثواب على أساس ما قدمت النفس الإنسانية من أعمال صالحة أو طالحة ، وتفاوت النفوس في کمالها وعدمه يؤدي إلى تفاوت منازلهم ودرجاتهم ودرکاتهم في الآخرة ، فدرجات الجنّة بعدد ما للناس من مراتب وجودية ، لقوله تعالى : ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) ، (١) وکذلک عدد درکات جهنّم فإنها کثيرة بعدد ما لهذه النفوس من حظ فيها ، لقوله تعالى : ( فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ). (٢)
خاتمة البحث
لقد تبيّن لنا مما تقدم من الأبحاث التي تناولها فيها دراسة کيفية المعاد في اليوم الآخر ، من وجهة نظر الأقوام والمجتمعات الإنسانية القديمة ، ومن جهة نظر الديانات القديمة المعروفة ، التي اخترنا منها ديانة البراهمة ، والبوذية في الهند ، والزرادشتية في إيران ، واليهودية لبني إسرائيل من خلال قراءة مختصرة لبعض نصوص کتاب التوراة ، والتلمود « کتاب الأحکام والآداب والتعاليم للديانة اليهودية » ، وکذلک دراسة بعض النصوص الواردة في الأناجيل الأربعة بالنسبة للديانة المسيحية.
وأخيراً دراسة وبحث المسألة من وجهة نظر القرآن الکريم ، المصدر الأساسي والمنبع الأول لمعارف الدين الإسلامي الحنيف ، من خلال دراسة المسألة فيه دراسة تحقيقية مفصلة ، تناولها البحث فيها عن طرح القرآن الکريم لضرورة هذه المسألة ، وإثباته لها بالدليل القطعي الذي قمنا بصياغته على أساس الصياغة العقلية ، والأقيسة المنطقية.
ــــــــــــــــ
١. الأحقاف ، ١٩.
٢. يس ، ٥٤.