ب) تشخص الشيء بوجوده الخاص به
إنّ بحث تشخص الشيء کان مورد اختلاف الآراء والأفکار فيه ، فقد ذهب البعض (١) إلى أن تشخص الشيء يکون بعوارضه المشخصة ، بينما ذهب صدرالمتألهين وأتباع مدرسته إلى أن التشخص يتم بواسطة وجوده الخاص به ، (٢) ونحن في هذا الأصل نريد أن نبين ما ذهب إليه صدرالمتألهين ، وأما دليل ذلک مناط بالرجوع إلى محل بحثه هناک ، فقد قال صدرالمتألهين في بيانه ما هذا نصه : ( إن تشخص کل شيء وما يتميز به هو عين وجوده الخاص به ، وإن الوجود والتشخص متحدان ذاتاً متغايران مفهوماً واسماً ، وأما المسمى عند القوم بالعوارض المشخصة فليست إلا أمارات ولوازم للهوية الشخصية الوجودية لا بأعيانها وأشخاصها ، بل على سبيل البدلية في عرض يکون لها من حد إلى حد فيتبدل کثير منها ، بل والشخص هو هو بعينه ). (٣)
وقال أيضاً : ( و ما اشتهر من کون العوارض المادية مشخصات ، إنما هو بمعنى آخر ، وهو أن کل شخص مادي مادام وجوده في مادته ، کميّة ما ، وکيفيّة ما ، ووضع ما ، وأين ما ، وزمان ما ، وکل منها من حد خاص ، إلى حد خاص ، لو تجاوز شيء من تلک الأعراض وخرج عن الحدين المخصوص له ، انعدام ذلک الشخص ؛ وذلک لاحتياجه في نحو وجوده المادي إلى تلک الأعراض على الوجه المذکور ، فتلک الأعراض التي من لوازم وجوده وعلامات شخصيته ، يقال لها الأعراض المشخصة بهذا المعنى ). (٤)
ج) أن الوجود حقيقية واحدة مشککة
لقد بين صدرالمتألهين في هذا الأصل أن الوجود المطلق حقيقة واحدة مشککة متفاوتة في الشدة والضعف مع بساطة هذه الحقيقة وعدم ترکبها الذهني
ــــــــــــــــ
١. محمد حسين الطباطبائي ، کتاب بداية الحکمة ، المرحلة الخامسة ، الفصل الثامن ، ص ٨٢ ـ ٨٨٤.
٢. صدر الدين الشيرازي ، المبدأ والمعاد ، الأصل الثالث ، ص ٤٧٩ ؛ الأسفار ، ج ٩ ، الأصل الثالث ، ص ١٨٥.
٣. صدرالدين ، الأسفار ، ج ٩ ، الأصل الثاني ، ص ١٨٥.
٤. صدرالدين ، کتاب المبدأ والمعاد ، الأصل الثالث ، ص ٤٧٩.