والتي تقع مورد الخطاب الإلهي بالأوامر والنواهي ـ التکاليف الإلهية ـ فمنهم من ذهب إلى أنها جوهر جسماني ، ومنهم من ذهب إلى أنها جوهر مجرد عن الجسمانية ، ومنهم من ذهب إلى أنها عرض ، وفيما يلي ذکر هذه الأقوال :
أولا : جوهر جسماني
أ) أکثر المتکلمين إن لم نقل جميعهم (١) قالوا : هو الأجزاء الأصلية الداخلة في ترکيب الإنسان ، لا تزداد بالنمو ولا تنقص بالذبول ، وإنما تقع الزيادة والنقصان في الأجزاء المضافة إليها. وقد اختار الخواجة نصير الدين الطوسي هذا القول حيث جاء في کلامه قوله : ( وعند الموت تعدم إن قلنا بجواز إعادة المعدوم ، ثم يوجدها الله وقت الإعادة ، وتتفرق وقت الموت إن قلنا بامتناعه ، ثم يوجدها الله تأليفاً آخر وقت الإعادة ؛ لأنا لا ندرک الجزئيات والأمور الجسمانية ، والمجرد لم يثبت برهان عليه ، والجسمية بينا بطلانها فلم يبقَ سوى ما ذکرناه ). (٢)
ويمکن أن يعترض عليه بما يلي :
وإنّه لا دليل عليه عقلاً ولا نقلاً ، فأما الرواية المروية عن النبي ٩ والإمام الصادق ٧ لم تصلح لإثبات المطلوب ، (٣) وسيأتي الکلام عن ذلک مفصلاً فيما بعد ، في جواب شبهة الآکل والمأکول ، وکذلک في مسألة بيان کيفية المعاد في اليوم الآخر ، فلنؤجل البحث والتحقيق فيهما إلى هناک.
ب) أکثر المعتزلة (٤) قالوا : إن الإنسان هو الهيکل المشاهد المحسوس ، ودليلهم
ــــــــــــــــ
١. کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، تحقيق الشيخ السبحاني ، قسم الإلهيات ، ص ٢٥٨.
٢. المحقق الطوسي والعلامة حلي ، کشف الفوائد في شرح قواعد العقائد ، تحقيق وتعليق الشيخ حسن مکي ، ص ٣٢٧.
٣. راجع : مسند أحمد بن حنبل ، ج ٢ ، ص ٤٢٨ ؛ محسن الفيض الکاشاني ، تفسير الصافي ، ج ١ ، ص ١٤٤٤ ؛ محمد بن عمر الزمخشري ، الفائق في غريب الحديث ، ج ٢ ص ٣٣٦ ؛ إسماعيل الدمشقي ، تفسير ابن کثير ، ج ٣ ، ص ٥٥٦ ؛ وغيرها.
٤. بحار الأنوار ، ج ٥٨ ، ص ٨٦ ، الشيخ عبدالله نعمة ، هشام بن الحکم ص ١٨٥ ؛ نقلاً عن مقالات المسلمين ، ص ٣٢٩ ؛ أبو الهذيل ، کتاب الفصل ، ج ٥ ، کتاب الفصل ، ج ٥ ، ص ٤٢ ؛ وعن کشف الفؤاد ، ص ١٧٩.