ثم بعد ذلک تناولها بحث القرآن الکريم في إثبات إمکان المعاد الجسماني ، وقد قمنا بمحاولة الأولى من نوعها ، وذلک بتشقيق البحث إلى قسمين ، قسم يتناول الإمکان الذاتي لأصل المسألة ، والآخر يتناول الإمکان الوقوعي لها ؛ إذ ليس کل ممکن ذاتاً يجب أن يثبت له الإمکان الوقوعي ، ولکننا أثبتنا بالدليل القرآني الصريح ، والقطعي إمکانية المعاد الجسماني على هذا الأساس.
وقد تناولنا البحث عن إمکان المعاد وکيفيته من وجهة نظر متکلمَين من متکلمي الإسلام ، وهم : أبو حامد الغزالي والخواجة نصير الدين الطوسي ، وکذا من وجهة نظر فيلسوفين من فلاسفة الإسلام الذي يعد کل واحد منهم عَلَمَاً بارزاً لمدرسة فلسفية مستقلة في حد ذاتها ، فالشيخ الرئيس ابن سينا من أعلام المدرسة المشائية ، وصدرالمتألهين مؤسس مدرسة الحکمة المتعالية ، وبعد هذه الجولة من التحقيق والبحث الدؤوب في مسائل هذه الأبحاث خرجنا بالنتيجة التالية :
١. إن کلمة المعاد في الأصل اللغوي تعنى العود والرجوع ، وهي مصدر ميمي مأخوذ من عاد ، يعود ، عوداً ، معاداً ، عاد إليه ، وعاد له ، وعاد فيه ، وإذا جاء بالفتح معَاد فإنّه يطلق على مکان العود ، وعلى زمان العود ، وإذا جاء بالضم مُعاد فيطلق على نفس الشيء الذي يقع متعلقاً للعود والرجوع ، ومحل بحثنا هو المعنى الأخير ، هذا بالنسبة للتعريف اللغوي ، وأما بالنسبة للتعريف الاصطلاحي ، فإن تعريف الخواجة والغزالي وصدرالدين مبني على أساس الاعتقاد بکونه معاداً للروح والجسم ، بينما ذهب الشيخ الرئيس في تعريفه له بالشکل الذي ينتهي بکون المعاد روحانياً فقط ، وهو المبنى العقلي للشيخ کما سيأتي بيانه في الأسطر اللاحقة ، حيث قال في تعريفة : ( إنّه الحال الذي کان عليه الشيء فيه ، فباينه ، فعاد إليه ، ثم نقل إلى