آمر فيه بأمر ، تدري يا سلمان أيّ بحر هذا؟ » فقلت : لا يا سيّدي.
فقال صلوات الله عليه : « هذا الذي غرق فيه فرعون وملؤه المذنبة ، حملها جناح جبرائيل ، ثمّ زجّها في هذا البحر فهو يهوي لا يبلغ قراره إلى يوم القيامة » ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، هل سرنا فرسخين؟ فقال صلوات الله عليه : « يا سلمان ، لقد سرت خمسين ألف فرسخ ودرت حول الدنيا عشر مرّات » ، فقلت : يا سيّدي ، وكيف هذا؟
قال : « إذا كان ذو القرنين طاف شرقها وغربها وبلغ إلى سدّ يأجوج ومأجوج فأنّى يتعذّر عليّ وأنا أمير المؤمنين وخليفة ربّ العالمين؟ » يا سلمان ، أما قرأت قول الله عزّ وجلّ حيث يقول : ( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) (١) فقلت : بلى يا أمير المؤمنين ، فقال عليهالسلام : « أنا ذلك المرتضى من الرسول الذي أظهره الله عزّ وجلّ على غيبه ، أنا العالم الربّاني ، أنا الذي هوّن الله عليّ الشدائد فطوي له البعيد » ، قال سلمان رضياللهعنه : فسمعت صائحا يصيح في السماء ، أسمع الصوت ولا أرى الشخص وهو يقول : صدقت صدقت أنت الصادق المصدّق صلوات الله عليك.
قال : ثمّ نهض صلوات الله عليه فركب الفرس فركبت معه ، وصاح بهما فطارا في الهواء ، ثمّ خطونا على باب الكوفة هذا كلّه وقد مضى من الليل ثلاث ساعات فقال عليهالسلام لي : « يا سلمان ، الويل كلّ الويل لمن لا يعرفنا حقّ معرفتنا وأنكر معرفتنا وولايتنا ، أيّما أفضل محمّد صلىاللهعليهوآله أم سليمان عليهالسلام؟ » قلت : بل محمّد صلىاللهعليهوآله ثمّ قال عليهالسلام : « فهذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من فارس بطرفة عين وعنده علم من الكتاب ولا أفعل أنا ذلك وعندي مائة كتاب وأربعة وعشرون كتابا؟ » الحديث (٢).
__________________
(١) الجنّ (٧٢) : ٢٦ ـ ٢٧.
(٢) « بحار الأنوار » ٤٢ : ٥٠ ـ ٥٣ و ٥٤ : ٣٣٩ ـ ٣٤١.