ينظرون إلى حيطان المدينة ترتجّ جائية وذاهبة.
فقال لهم عليّ عليهالسلام : كأنّكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا : وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قطّ؟ قالت : فحرّك شفتيه ثمّ ضرب الأرض بيده ثمّ قال : مالك؟ اسكني ، فسكنت ، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجّبهم أوّلا حيث خرج إليهم ، قال لهم : فإنّكم قد عجبتم من صنيعي ، قالوا : نعم ، فقال : أنا الرجل الذي قال الله : ( إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها* وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها* وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها ) (١) فأنا الإنسان الذي يقول لها ذلك ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ) (٢) إيّاي تحدّث » (٣).
[١٩] ومنها : ما روي عن سلمان أنّ عليّا عليهالسلام بلغه عن عمر ذكر شيعته فاستقبله في بعض طرقات بساتين المدينة وفي يد عليّ عليهالسلام قوس عربيّة فقال : « يا عمر ، بلغني عنك ذكرك لشيعتي؟ » فقال : أربع على ظلعك ، فقال عليهالسلام : « إنّك لها هنا؟ » ثمّ رمى بالقوس على الأرض فإذا هي ثعبان كالبعير فاغر فاه ، وقد أقبل نحو عمر ليبتلعه فصاح عمر : الله الله يا أبا الحسن لا عدت بعدها في شيء وجعل يتضرّع إليه ، فضرب يده إلى الثعبان فعادت القوس كما كانت ، فمرّ عمر إلى بيته مرعوبا.
قال سلمان : فلمّا كان في الليل دعاني عليّ عليهالسلام فقال : « صر إلى عمر فإنّه حمل إليه مال من ناحية المشرق ولم يعلم به أحد ، وقد عزم أن يحتبسه فقل له : يقول لك عليّ : اخرج إليك مال من ناحية المشرق ففرّقه على من جعل لهم ولا تحبسه فأفضحك » ، قال سلمان : فأدّيت إليه الرسالة فقال : حيّرني أمر صاحبك من أين علم؟ فقلت : وهل يخفى عليه مثل هذا؟
فقال لسلمان : اقبل منّي ما أقول لك ما عليّ إلاّ ساحر ، وإنّي لمشفق عليك منه ، والصواب أن تفارقه وتصير في جملتنا ، قلت : بئس ما قلت ، لكنّ عليّا ورث من
__________________
(١) الزلزال (٩٩) : ١ ـ ٣.
(٢) الزلزال (٩٩) : ٤.
(٣) « علل الشرائع » ٢ : ٢٧٧ ، ح ٨ ؛ « بحار الأنوار » ٤١ : ٢٥٤ ، ح ١٤.