لتخبريني من أنا؟ ومن أنت؟ » فقال الجمجمة بلسان فصيح : أمّا أنت فأمير المؤمنين وسيّد الوصيّين وإمام المتّقين ، وأمّا أنا فعبد الله وابن أمة الله كسرى أنوشيروان. فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : « كيف حالك؟ ».
فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي كنت ملكا عادلا شفيقا على الرعايا رحيما لا أرضى بظلم ، ولكن كنت على دين المجوس وقد ولد محمّد صلىاللهعليهوآله في زمان ملكي فسقط من شرفات قصري ثلاث وعشرون شرفة ليلة ولد ، فهممت أن أؤمن به من كثرة ما سمعت من الزيادة من أنواع شرفه وفضله ومرتبته وعزّه في السماوات والأرض ومن شرف أهل بيته ، ولكنّي تغافلت عن ذلك وتشاغلت منه في الملك ، فيا لها من نعمة ومنزلة ذهبت منّي حيث لم أؤمن ، فأنا محروم من الجنّة بعدم إيماني به ، ولكنّي مع هذا الكفر خلّصني الله تعالى من عذاب النار ببركة عدلي وإنصافي بين الرعيّة ، وأنا في النار والنار محرّمة عليّ ، فوا حسرتاه لو آمنت لكنت معك يا سيّد أهل بيت محمّد ويا أمير أمّته.
قال : فبكى الناس وانصرف القوم الذين كانوا من أهل ساباط إلى أهلهم وأخبروهم بما كان وبما جرى ، فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين فقال المخلصون منهم : إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام عبد الله ووليّه ووصيّ رسوله صلىاللهعليهوآله . وقال بعضهم : بل هو النبيّ صلىاللهعليهوآله . وقال بعضهم : بل هو الربّ. الحديث (١).
[١٠] ومنها : ما روي عن معاوية بن عمر قال : دخل أبو بكر على أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يحدّث إلينا في أمرك شيئا بعد أيّام الولاية في الغدير ، وأنا أشهد أنّك مولاي مقرّ بذلك ، وقد سلّمت عليك على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله بإمرة المؤمنين ، وأخبرنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّك وصيّه ووارثه وخليفته في أهله ونسائه ...
ولم يخبرنا أنّك خليفته في أمّته من بعده ، ولا جرم لي فيما بيني وبينك ولا ذنب لنا
__________________
(١) المصدر السابق ٤١ : ٢١٣ ـ ٢١٤ ، نقلا عن « الفضائل » لابن شاذان : ٧١ ـ ٧٢.