وما على جبرائيل من ذلك شيء ، ولا على الله سبحانه وتعالى ؛ حيث خلق السبب الذي به وقعت الفتنة كما خلق أسباب الزنى والقتل ، وغيرهما من المعاصي ، فإنّها لا تقع إلاّ بأسباب وآلات مخلوقة ، وليس ذلك من باب الإعانة على الكفر والمعصية ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وفي الفصل الرابع من السفر الخامس في ذكر العجل وتوبيخ بنى إسرائيل على عبادته قال : « وعلى هارون توجّد الله جدّا ، وكان ينفذه فاستغفرت له أيضا في ذلك ». وهذا صريح في شناعة هذا العمل وفظاعته ، وأنّ الله قد توجّد به على هارون فكيف تقول : إنّه لا مانع منه؟.
ويقرب من هذه القصّة ما وقع في التوراة من قصّة لوط مع ابنتيه ، فإنّ في الفصل الثالث والعشرين من السفر الأوّل : أنّ لوطا لمّا صعد من صوغر وأقام في الجبل وابنتاه معه ـ وقد هلك قومه ـ قالت الكبرى منهما للصغرى : أبونا شيخ كبير وليس في الأرض رجل يدخل علينا كسبيل أهل الأرض ، تعالي نسق أبانا خمرا ونضاجعه ونستبق منه نسلا ، فسقتا [ أباهما ] خمرا في تلك الليلة ، وجاءت الكبرى فاضطجعت مع أبيها ولم يعلم بنومها وقيامها ، فلمّا كانت من الغد ، قالت الكبرى للصغرى : هو ذا ، قد ضاجعت البارحة أبي ، فنسقيه خمرا الليلة وادخلي واضطجعي ، فسقتاه خمرا في هذه الليلة أيضا ، فقامت الصغرى فضاجعته ولم يعلم بنومها ولا قيامها ، فحملتا ابنتا لوط من أبيهما وولدت الكبرى [ ابنا ] وسمّته موآب ، هو أبو بني موآب إلى هذا اليوم ، وولدت الصغرى ابنا وسمّته عمّون ، وهو أبو بني عمّون إلى هذا اليوم.
نصّ به التوراة التي بيد اليهود وترجمتها حرفا حرفا. وهذا كذب صريح وبهتان قبيح. ومن الممتنع في العقول وقوع مثل هذا العار والشنار من رسل الله وأنبيائه بما تبقى شناعته مدى الدهر وما بقي هذا النسل.
وموآب وعمّون : أمّتان عظيمتان بين البلقاء وجبال الشراة ، وقد كانت جدّة داود