بالاطمئنان في البيت » (١). وكلّما وجد الطفل التقدير والاهتمام والتكريم كان منقاداً لمن يقدّره ويهتمّ به ويكرّمه. ويتوقّف تأثير ذلك على شخصيّة المربّي وشخصية المراد تربيته والمحيط الاجتماعي الذي يعيشان فيه ، وفي مقامنا هذا نرى أنّ الإمام الحسن عليهالسلام قد تلقّى ذلك من قبل جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، في مواقع عديدة أمام مرأى ومسمع الصحابة ، وكلّ ذلك أسهم ـ مع بقيّة المقوّمات ـ على أن يكون الإمام عليهالسلام معصوما بإرادته التي تطابقت مع الإرادة الإلهيّة ، فالله تعالى هيّأ هذه المقوّمات وهي الوراثة الصالحة والتربية الصالحة والرعاية الروحية والنفسية. وهذا النوع من الرعاية تعدّى رعاية الجدّ لحفيده ، وتعدّى الرعاية العاطفية المحضة بل كانت مظاهرها العديدة تنبيهاً للأمة على دور الإمام الحسن عليهالسلام الريادي ودوره كقدوة وأسوة وإمام مفترض الطاعة ، ولولا هذا الإشعار لأمكن له صلىاللهعليهوآله أن يقدّره ويكرّمه بشكل آخر كما يفعل الأجداد والآباء ، وقد تجلّى ذلك في ممارسات عديدة.
عن البرّاء بن عازب قال : « رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله حامل الحسن بن علي رضي الله عنهما على عاتقه وهو يقول : اللهمّ إنّي أحبّ حسناً فأحبّه » (٢). فقد أشار صلىاللهعليهوآله إلى هذا الحبّ وهو حامل الإمام الحسن عليهالسلام على عاتقه ؛ ليُشْعِر المسلمين بأهمية وضرورة هذا الحبّ ؛ وهو الذي لا ينطق عن الهوى ، فهو حبّ عقائدي يفرض على المسلمين أن يقتدوا بهذا المحبوب المكرّم من قبل رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وعن جابر قال : « دخلت على النبي صلىاللهعليهوآله وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما ، وهو يقول : نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما » (٣).
__________________
(١) علم النفس التربوي / فاخر عاقل : ١١٠.
(٢) المعجم الكبير / الطبراني ٣ : ٣٢ / ٢٥٨٤.
(٣) المعجم الكبير ٣ : ٥٢ / ٢٦٦١.