لاتسمح بذلك ، وحينما تغيّرت في المرحلة المدنيّة غيّر صلىاللهعليهوآله موقفه واستمرّ في جهاده إلى أن انتصر على جميع قوى الشرك في المدينة والحجاز واليمن ، وكذلك أمير المؤمنين عليهالسلام في سيرته مع من اغتصب حقّه وتقدم عليه بالباطل ، بل حتىٰ مع المتمرّدين عليه في خلافته.
٣. المصلحة الإسلاميّة : من أساسيات المنهج الإسلامي أنّ لأي حكم شرعي مصلحة يتضمّنها ، فمن باب أولى أن يكون لأخطر موقف ـ وهو الصلح وفي تلك الظروف الحسّاسة ـ مصلحة على المدى القريب والبعيد ، فالصلح انطوى على عدّة مصالح آنيّة ومستقبليّة راعاها الإمام عليهالسلام قبل اتخاذه القرار ، بعضها متعلّق بالمصلحة العامّة للمسلمين ، والآخر متعلّق بمصلحة منهج أهل البيت عليهمالسلام في حركته الواقعيّة في المسيرة التاريخيّة.
المبحث الثاني / نتائج الصلح وآثاره
انكشاف حقيقة معاوية والحكم الأموي :
في أجواء الكيد والدسّ ، والتربّص بقادة الاُمّة الحقيقيّين ، وفي خضّم تزيين الضلال ، وتزييف الحقائق ، وإشاعة اللبس في الرؤية من قبل معاوية لإبقاء المسلمين بعيداً عن الوعي وإدراك الحقائق ؛ كان للصلح دوره الكبير في كشف حقيقة معاوية ونواياه الخفيّة ، فبعد أن استلم معاوية زمام الأمور استسلم لزهو الإنتصار ، ولم يتمالك نفسه حتّى كشف عن سريرته ومكنونات أهوائه ، ولم يلتفت إلى الآثار المترتّبة على هذا الكشف ، فأعلن لأهل العراق عن أهدافه الحقيقيّة وهي تتلخّص في الوصول إلى قمّة السلطة ، كما جاء ذلك في خطابه حين قال : « إنّي والله ما قاتلتكم لتصلّوا ، ولا لتصوموا ، ولا لتحجّوا ، ولا لتزكّوا ، إنّكم لتفعلون ذلك ، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم » (١). وهذا التصريح قد كشف عن
__________________
(١) مقاتل الطالبيّين : ٧٧.