سعيد بن قيس الهمداني فقال : أخرج ، فخرج الحسن عليهالسلام فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « أمّا بعد ، فإنّ الله كتب الجهاد على خلقه وسمّاه كرهاً ، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين : ( وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (١). فلستم أيّها الناس نائلين ما تحبّون إلاّ بالصبر على ما تكرهون ، إنّه بلغني أنّ معاوية بلغه أنا كنّا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك ، فاخرجوا رحمكم إلى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنظروا ونرى وتروا ... ». وخرج الناس فعسكروا ونشطوا للخروج ، وخرج الحسن إلى معسكره. ثمّ إنّ الحسن عليهالسلام سار في عسكر عظيم وعدة حسنة حتى أتى دير عبد الرحمن فأقام بها ثلاثاً حتى اجتمع الناس ، ثمّ دعا عبيدالله بن العباس فقال له : « ... إذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك ، فإن فعل فقاتل ، فإن أصبت فقيس بن سعد على الناس ... ».
مؤامرات معاوية :
في اليوم الثاني من وصول عبيدالله إلى مسكن ، وجّه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيدالله فيمن معه فضربهم حتى ردّهم إلى معسكرهم ، فلما كان الليل أرسل معاوية إلى عبيدالله أنّ الحسن قد راسلني في الصلح ، وهو مسلم الأمر إلي ، فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعاً ، وإلاّ دخلت وأنت تابع ، ولك أن أجبتني الآن إن أعطيك ألف ألف درهم ، أعجل لك في هذا الوقت نصفها ، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر ، فانسل عبيدالله إليه ليلاً (٢). وفي رواية إنّه صار إليه في ثمانية آلاف من أصحابه (٣). وكان معاوية يدس إلى عسكر الحسن عليهالسلام من يتحدث أنّ قيس بن سعد قد صالح معاوية وصار معه ، ويوجه إلى عسكر قيس من يتحدث أنّ الحسن قد صالح معاوية وأجابه (٤). واستمر
__________________
(١) سورة الأنفال : ٨ / ٤٦.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٤٢.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٤.
(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٤.