الدفع ، لا حرمته ، ضرورة اندفاع الأولى ، بل والثانية بما حررناه في الأصول ، والعرف أعدل شاهد به.
والثالثة : بأنه لا فرق بين إن ، وغيرها من أدوات الشرط ، لابتناء العموم ، على أن الاختصاص بمورد الشرط يقتضي الانتفاء في غيره فيعم ، وليس الحكم في المنطوق بعموم الإثبات ، ليكون المفهوم سلب العموم ، بل بنفس الإثبات في محل النطق ، ومفهومه السلب عما عداه ، ويلزمه عموم السلب ، وهذا المعنى لا يتفاوت في الأدوات كأصل المفهوم ، وكلمات الأصحاب في الأصول والفروع شاهدة بذلك ، وأنه لا فرق بينها جميعها في ذلك كله.
واما الرابعة : فواضحة بناء على أن المفهوم في الشرط النهي كما يقتضيه كلام بعضهم ، ومال إليه العلامة الطباطبائي ، وربما يشهد له العرف بل وإن لم نقل بذلك وكان المراد من الأمر هنا رفع الحجر المفهوم من قوله (١) ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ) إلى آخره بل وإن لم يكن المراد منه ذلك ، لكن المقام منحصر بين الوجوب والحرمة إذ الخطاب للأولياء ، والدفع إما أن يجب عليهم أو يحرم ، ولا ثالث لهما ، فتكون الحرمة حينئذ من لوازم عدم الوجوب هنا والله أعلم.
وكذا المناقشة : بأن الاستدلال في الآية انما يتم لو أريد ببلوغ النكاح حصول الإنزال ، أو صلاحية خصوص الشخص لأن ينزل بالوطي ونحوه ، وهو غير متعين ، لاحتمال كون المراد بلوغ وقت الصلاحية للنكاح صلاحية نوعية وإن تخلفت عن خصوص الشخص ، وهذا المعنى حاصل فيمن كان سنه أربعة عشر وثلاثة عشر فلا دلالة في الآية على نفي البلوغ بهما.
إذ يدفعها أولا : أن بلوغ النكاح عرفا هو أن يبلغ الصبي ويدرك ، وهو غير بلوغ زمان النكاح ، لصحة سلب الأول عمن ثبت له الثاني ، وأقل ما يصدق معه ذلك صلاحية الشخص لأن ينكح ، وأما مجرد القابلية النوعية فلا يتحقق معه الصدق عرفا.
وثانيا : أنه لو أريد الزمان فالظاهر إرادة الوقت الذي يغلب فيه ذلك ويكثر
__________________
(١) سورة النساء الآية ـ ٥.