كالصلح القهري ، ولعله لذا ذكر الأصحاب هذه المسألة وما شابهها في هذا الكتاب.
ومنه يعلم الوجه حتى في الدعوى بالإشاعة ، ضرورة أنها لا تنافي الإقرار بالدرهم الكلي المشاع المنطبق على نصفي الدرهم والثلثين من درهم ، والثلث من آخر ، وهكذا ، فيبقى النزاع بينهما في الدرهم الآخر على إشاعته ، فيدعيه المقر له بالدرهم الأول مضافا إلى ذلك الدرهم ، والآخر ، يدعيه له فيقسم بينهما نصفين على الإشاعة للقاعدة التي ذكرناها ، التي قد أومى إليها في الخبرين السابقين المعتضدين بالفتوى المجردة عن ملاحظة اقتضاء اليد ، الموجبة للتوهم أن مدعى الدرهم الآخر المنضم إلى ما اقتضته يده ، من النصف الذي هو درهم أيضا مشاع ملفق ، مدع صرف ، والآخر منكر ، باعتبار أنه قد ادعى عليه ما اقتضته يده ، فيحلف ويستحق النصف المشاع ، وهو الدرهم الملفق ، إذ قد عرفت إلقاء اليد في المقام ، وأن الحكم بالنصف نصا وفتوى لقطع الخصومة بينهما بعد تساويهما من كل وجه ، فتأمل جيدا فإنه دقيق جدا.
وبه يظهر الوجه فيما في النص والفتوى الصريحين في الإشاعة ، وأنه ليس ذلك من باب التعبد كما لا يخفى على من تأمل الخبرين والفتاوى.
ومنه يعلم الوجه فيما ذكره المصنف وغيره بل المشهور من قوله وكذا الحكم فيما لو أودعه إنسان درهمين وآخر درهما وامتزج الجميع ثم تلف درهم فإن لذي الدرهمين درهما منهما لا احتمال فيه ، وأما الأخر فهو محتمل لكل منهما ولا مرجح ، فالعدل بينهما قسمته نصفين بينهما للقاعدة التي عرفتها وأكدها هنا خبر السكوني (١) عن الصادق عليهالسلام « في رجل استودعه رجل دينارين واستودعه آخر دينارا فضاع دينار منهما؟ فقال : يعطى صاحب الدينارين دينارا ويقسمان الدينار الباقي بينهما نصفين » بل ظاهره عدم اعتبار الامتزاج في هذا الحكم ، بل يكفى الاشتباه ، كما أن ظاهره ذلك وإن لم تتصادم دعواهما في الدينار ، وأنه لا يمين على أحد منهما خصوصا مع عدم علم كل واحد منهما بعين حقه.
لكن في المسالك استشكله في ضعف المستند بأن التالف لا يحتمل كونه منهما
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب أحكام الصلح الحديث ـ ١.