أو فوقه فهل للسابق منعه؟ لم أقف فيه على كلام ، وقضية الأصل عدم المنع ، الا أن يقال لما ملك الروشن ملك قراره وهواءه ، وهو بعيد ، لأنه مأذون في الانتفاع ، وليس ملزوما للملك ».
قلت : ينبغي بناء المسئلة على أن الطريق المحيي بالاستطراق يكون ملكا لمن أحياه هو مع هواه ، فأرض الطريق حينئذ وما تحتها وهواها ملك للمسلمين ، الا أنه جرت السيرة والطريقة على تصرفهم فيه بما لا ضرر فيه على مارتهم ، وحينئذ فلا يملك ذو الروشن مثلا شيئا من الهواء ، بل هو على ملك المسلمين ، وإنما له حق اختصاص ، فإذا زال أثره زال حقه ، أو أن المسلمين إنما لهم منه حق الاستطراق ، فالفضاء والأسفل باق على الإباحة الأصلية ، يملكه من يجوزه ، ويجرى عليه حينئذ حكم ذلك ، لم أعثر على تحرير لهم في ذلك ، والذي ذكرناه سابقا الأول. وقلنا : إن حاله كحال الطريق الخاص في الكيفية ، بل هو الموافق لقاعدة « من ملك أرضا ملك هواها وقرارها إلى عنان السماء وتخوم الأرض » ولا ريب في ملك المسلمين نفس أرض الطريق بالاستطراق فيتبعها ذلك ، وحينئذ فالمتجه أن للسابق حق اختصاص سبقه فمتى زال أثره زال حقه والله العالم.
المسألة الثانية : إذا التمس وضع جذوعه مثلا على حائط جاره ، لم يجب على الجار اجابته ، ولو كان خشبة واحدة عندنا للأصل ، بل الأصول كما لا يجوز له الوضع بدونها ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) « لا يحل مال امرء مسلم الا بطيب نفسه » ولقاعدة عدم التصرف في مال الغير بغير اذنه ، فما عن أحمد ، ومالك ، بل والشافعي في القديم وان كان مع شروط ثلاثة ـ عدم احتياج مالك الجدار الى وضع الجذع عليه وأن لا يزيد الجار في رفع الجدار ، ولا يبني عليه أزجا ولا يضع عليه ما لا يحمله ويضر به وانحصار الحاجة في الرابع. لأنه مالك للجوانب الثلاث ، أما إذا كان الكل للغير لم يضع الجذوع عليها قولا واحدا من أن له الوضع بدونها بل يجبر مع الامتناع ، لخبر
__________________
(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب مكان المصلى الحديث ١ ـ ٣.