هذه الحوالة ، لعدم إطلاق في نصوص المقام يتناولها ، و « ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) » انما يراد منه العقود المتعارفة ، أي البيع والصلح والحوالة ونحوها ، فلا شمول فيه للمشكوك فيه من أفرادها بعد فرض عدم إطلاق فيها يتناولها ، بل محكي الإجماع مستفيضا على اعتبار رضى المحيل يشهد بخلاف ذلك ، كما أن اتفاقهم ـ على أن المحيل والمحتال من أركان عقد الحوالة ، وأن بالإيجاب من الأول ، والقبول من الثاني يتم العقد ـ يشهد بخلافه أيضا ، ضرورة عدم اختلاف أركانها ، ودعوى قيام المحال عليه مقام ذلك مصادرة محضة ، مخالفة لما عرفت ، فالأولى عدم الاستثناء المزبور ، هذا كله في الأول والأخير.
وأما اعتبار الرضا في الثاني فهو المشهور بل عن الأردبيلي أنه لم يظهر فيه خلاف ، بل في محكي التذكرة نسبته إلى أصحابنا ، والمختلف إلى علمائنا ، بل عن الشيخ دعوى الإجماع ، وان كنا لم نتحققه ، وإنما المحكي عن المبسوط والخلاف ما عن الغنية والسرائر من الإجماع على صحة الحوالة مع رضاه ، بخلاف حال عدمه ، وهو كما ترى ليس إجماعا في المقام ، بل مشعر بوجود الخلاف ، إلا أن الظاهر ارادته ، ولو من العامة.
نعم هو محكي عن التقي ، بل لعله ظاهر المحكي عن المقنعة والنهاية ، بل عن الفاضل في المختلف الميل اليه ، بل هو خيرة المقتصر والتنقيح ، وإيضاح النافع ، والمسالك والروضة على ما حكي عن بعضها ، بل في الثاني إن اعتبرنا شغل الذمة والحوالة بمثل ما عليه ، فلا يشترط رضاه قطعا ، وإن لم يشترط الشغل أو كانت الحوالة بالمخالف فلا بد من رضاه قطعا ، وإن كان قد يمنع القطع فيما ذكره أخيرا نعم هو كذلك في سابقه أي الحوالة على البريء بناء على صحتها كما اعترف به غير واحد من الأفاضل فالبحث حينئذ في مشغول الذمة ولو بغير المثل كما ستعرف.
وعلى كل حال فليس للمشهور بعد الإجماع المحكي الذي لم نتحققه ، بل المضمون توهمه مما عرفت ، سوى أصالة بقاء الحق في ذمة المحيل المقطوعة بعموم ( أَوْفُوا ) وبإطلاقات الحوالة ، إذ لا ريب في عدم اعتبار رضاه في مفهومه المتحقق بالإيجاب من
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ١.