ولا يخفى عليك ما في هذا الكلام من الغرائب ضرورة خروج ما نحن فيه عن مسألة معاني الألفاظ ، فإن المكيل والموزون لا اختلاف في معناه في عرفنا وعرفهم ، وان اختلفت أفراده فيهما فرب مكيل وموزون في ذلك الزمان ليس كذلك في هذا الزمان وبالعكس ، وهو ليس اختلافا في المعنى وهو واضح ، كوضوح كون المراد أن ما يباع كيلا أو وزنا مثلا على وجه يكون معتبرا في إرادة كميته الملحوظة في البيع واختلاف الثمن باختلافها ، بل مع عدم اعتبار عدمها عد من شراء الجزاف ، لا يجوز بيعه إلا كذلك للغرر والجهالة ، كما أومئ إليه في صحيح الحلبي السابق (١) بقوله « ما كان من طعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصلح مجازفة ، هذا مما يكره من بيع الطعام ، » بناء على ما ذكرنا في تفسيره من عدم جواز بيع المسمى باسم المكيل مجازفة ، بل منه ومن النهي عن البيع بصاع غير صاع المصر وغير ذلك ، مضافا إلى القواعد يظهر كون المدار في المكيل والموزون والمعدود على المسمى بذلك ، من حيث تعارف بيعه بأحد الاعتبارات أو بها على وجه يعد بيعه بدونها بيع مجهول وغرر ، فيدور الحكم حينئذ مدار ذلك ، وإن اختلف باختلاف الأقطار والأمصار والأزمنة ، وليس ذلك من اختلاف الأحكام الشرعية نفسها ، بل هو من اختلاف موضوعاتها وعنوانها التي تدور مداره ، كما هو الضابط في كل عنوان حكم وموضوعه إذا كان من هذا القبيل ، ودعوى الإجماع هنا على كون المدار على زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على الوجه الذي عرفته غريبة ، فاني لم أجد ذلك في كلام أحد من الأساطين فضلا عن أن يكون إجماعا.
نعم قد ذكروا ذلك بالنسبة إلى حكم الربا كما تسمعه في محله لا أنه كذلك
__________________
(١) الوسائل الباب ٦ من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ١.