وانبرى عبد الله بن سعد بن أبي سرح فقال له :
« امنعهم الماء الى الليل ، فانهم إن لم يقدروا عليه رجعوا ، وكان رجوعهم هزيمتهم. امنعهم الماء منعهم الله يوم القيامة .. »
فثار صعصعة ولم يسعه السكوت فقال له :
« إنما يمنعه الله يوم القيامة الكفرة الفجرة شربة الخمر ، ضربك وضرب هذا الفاسق ـ واشار الى الوليد ـ .. » وتواثبوا عليه يشتمونه ويتهددونه ، فأمرهم معاوية بالكف عنه ، ورجع صعصعة ولم تنتج سفارته شيئا ، فخف الى الامام الأشعث بن قيس (١) فقال له :
« يا أمير المؤمنين. أيمنعنا القوم ماء الفرات وأنت فينا ومعنا السيوف
__________________
(١) الاشعث بن قيس الكندي وفد على رسول الله (ص) مع قومه وكان زعيمهم في السنة العاشرة من الهجرة فاسلم واسلم معه قومه ، ولما توفى النبيّ ارتد الاشعث عن الاسلام ثم رجع إليه في خلافة ابى بكر ، فزوجه ابو بكر اخته أمّ فروة بنت ابي قحافة ، وهي أمّ محمد بن الاشعث ولما مات ابو بكر خرج الاشعث ، مع سعد بن ابي وقاص الى القادسية والمدائن وجلولاء ونهاوند. وبنى له دارا بالكوفة في محلة كندة فنزلها هلك سنة اثنتين واربعين من الهجرة وقيل سنة اربعين وصلى عليه الامام الحسن الاستيعاب ١ / ١١٠ ، وجاء في شرح النهج ١ / ١٣٠ ان الاشعث طمع بالملك بعد وفاة النبي فدعا قومه ان يتوجوه فاجابوه لذلك فحارب المسلمين مع المرتدين حتى حوصر في حصنه اياما ولما يئس من الغلبة استسلم على ان يصان دمه ودم عشرة من اصحابه فاعطاه المسلمون ذلك ونجا من القتل واسف ابو بكر على عدم قتله فقال عند احتضاره : وددت اني يوم جيء بالاشعث كنت ضربت عنقه فانه يخيل لي انه لا يرى شرا الا اعان عليه.