فاخذت تلهب في نفوسهم روح الحماس وتدفعهم الى الموت قائلة :
« إنما يصبر الأحرار .. ما زلت أرى النصر مع بني ضبة! »
واشعلت هذه الكلمات نار الثورة فى نفوسهم فاندفعوا إلى الموت ، وقاتلوا أشد القتال في سبيلها (١)
وبنو ضبة من أرذال العرب وأوباشهم ، وكانوا غلاظ القلوب والطباع ، قد أترعت نفوسهم بروح الجاهلية ومساوئها ، وقد وهبوا أرواحهم بسخاء لعائشة ، وأحاطوا بجملها مستميتين وهم يقولون :
يا أمنا يا زوجة
النبي |
|
يا زوجة المبارك
المهدي |
نحن بنو ضبة لا
نفر |
|
حتى نرى جماجما
تخر |
يخر منها العلق المحمر |
ووقفوا صامدين حتى قطعت أيديهم وبدرت رءوسهم ، واتخذوا في ذلك اليوم دم عثمان شعارا لهم فكانوا يقاتلون اعنف القتال وأشده وشاعرهم يرتجز ويقول :
نحن بنو ضبة
أصحاب الجمل |
|
ننازل القرن اذا
القرن نزل |
والقتل اشهى
عندنا من العسل |
|
نبغي ابن عفان
بأطراف الأسل |
ردوا علينا شيخنا ثم بجل |
وقتل حول خطامها اربعون رجلا منهم ، وكانت عائشة تقول : ما زال جملي معتدلا حتى فقدت اصوات بني ضبة.
__________________
(١) شرح النهج ٢ / ٨١