فانصرف وهو يقول :
اخترت عارا على
نار مؤججة |
|
ما إن يقوم لها
خلق من الطين |
نادى على بأمر
لست أجهله |
|
عار لعمرك في
الدنيا وفي الدين |
فقلت حسبك من
عدل أبا حسن |
|
فبعض هذا الذي
قد قلت : يكفيني (١) |
وعزم على الانسحاب من هذه الفتنة الا انه أراد أن يخرج منها بسلام فقال لعائشة :
« يا أم المؤمنين ... إني والله ما وقفت موقفا قط إلا عرفت اين أضع قدمي فيه إلا هذا الموقف؟ فاني لا أدري أمقبل أنا فيه أم مدبر ..؟ »
عرفت عائشة خبيئته ، وما يرومه في حديثه من الانسحاب ، فالتفتت إليه وكانت عارفة بما يثيره وينقض عزيمته فقالت له باستهزاء.
« يا أبا عبد الله .. خفت سيوف بنى عبد المطلب؟! »
وعاثت هذه السخرية في نفسه ، وزاد في اضطرابه وقلقه وارجاعه الى ساحة التمرد ابنه المشوم عبد الله فقد قال له :
« إنك خرجت على بصيرة ، ولكنك رأيت رايات ابن أبي طالب وعرفت أن تحتها الموت فجبنت؟! »
لقد اتهمه ابنه بالحور والجبن وهو عار وذل ومنقصة عليه فالتفت إليه وقد مشت الرعدة باوصاله فقال له :
ـ ويحك إني قد حلفت له أن لا أقاتله؟
ـ كفر عن يمينك بعتق غلامك سرجس.
فاعتق غلامه (٢) ثم انعطف يجول فى الميدان ليرى عائشة وابنه
__________________
(١) مروج الذهب ٢ / ٢٤٧
(٢) تأريخ الطبري ٥ / ٢٠٠ وجاء فيه ان عبد الرحمن بن سليمان