ونزع لهم عنها استصلاحا لهم فلما لم يجدوا حجة ولا عذرا خلجوا (١) وبادروا بالعدوان ، ونبا فعلهم عن قولهم ، فسفكوا الدم الحرام ، واستحلوا البلد الحرام ، واستحلوا الشهر الحرام ، والله لأصبع عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم! .. فنجاة من اجتماعكم عليهم حتى ينكل بهم غيرهم ويشرد من بعدهم وو الله لو ان الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه او الثوب من درنه إذ ماصوه (٢) كما يماص الثوب بالماء » (٣)
وحفل خطابها بالمغالطات والتنكر للحقائق فقد جاء فيه ان الغوغاء عابوا على عثمان وهو مجاف للواقع فان الذي عاب عليه ، وشهر به إنما هم كبار المهاجرين والانصار ، وكانت هي بالذات اول من قدح زناد الثورة عليه فقد قالت فيه كلمتها الشهيرة : اقتلوا نعثلا فقد كفر ، انها وغيرها من الاعلام والرءوس هم الذين اجهزوا عليه ولا علاقة لغيرهم بدمه
وجاء فى خطابها أنه رجع عن احداثه ، وتابع الثوار استصلاحا لهم فلما لم يجدوا حجة عليه استحلوا دمه وقتلوه ، وهذا أيضا لا يلتقى بالواقع فان عثمان قد اعلن التوبة وأظهر الندم على الأحداث التي ارتكبها الا انه اعلن للناس اخيرا انه إنما قال ذلك من أجل ضغط الثوار عليه وهو ماض على سياسته التي رسمها لنفسه ، ولما قفل الثوار راجعين بعد المكيدة التي دبرها ضدهم طالبوه بالاستقالة من منصبه فابى وامتنع من اجابتهم فلم يجدوا بدا من قتله ، كما ذكرنا ذلك بالتفصيل وهو لا يتفق مع ما ذكرته عائشة في خطابها من انهم لم يجدوا حجة لقتله.
وعلى أي حال فان خطاب عائشة كان أول اعلان للعصيان والتمرد
__________________
(١) خلجوا : اي انتزعوه وجذبوه
(٢) الموص : الغسل اللين والدلك باليد
(٣) تأريخ الطبري ٣ / ٤٦٨