« ما نختار غيرك .. »
وكثر اصرار الجماهير على الامام ولكنه لم يستجب لهم فخرجوا منه ولم يظفروا بشيء ، وعقدت القوات المسلحة اجتماعا خاصا عرضت فيه الأحداث الخطيرة التي تواجه الأمة إن بقت بلا إمام يدير شئونها ، وقد قررت على احضار المدنيين وارغامهم على انتخاب إمام للمسلمين فقالوا لهم :
« أنتم أهل الشورى ، وأنتم تعقدون الإمامة. وحكمكم جائز على الأمة فانظروا رجلا تنصبونه ، ونحن لكم تبع ، وقد أجلناكم يومكم ، فو الله لئن لم تفرغوا لنقتلن عليا وطلحة والزبير وتذهب من أضحية ذلك أمة من الناس .. » (١)
وفزع المدنيون بعد هذا الانذار والتهديد إلى الامام أمير المؤمنين ، وهم يهتفون بلسان واحد
البيعة. البيعة
أما ترى ما نزل بالاسلام ، وما ابتلينا به من أبناء القرى
وأجابهم الامام بهدوء قائلا :
« دعوني والتمسوا غيري. »
ثم أعرب لهم عن السر في توقفه من قبول الخلافة قائلا :
« أيها الناس ، إنا مستقبلون أمرا له وجوه وله ألوان لا تقوم به القلوب ولا تثبت عليه العقول .. » (٢)
لقد علم عليهالسلام بما دب في نفوس الأمة من الشر ، وبما ساد في نفوس زعمائها من الأهواء لا سيما ولاة عثمان وأسرته ومن يمت إليه فانهم
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٨٠
(٢) شرح النهج محمد عبده ١ / ١٨٢