عثمان وبعد سيرته عن سيرة الرسول وسنته ، وقد نقم من معاوية حينما قال : المال مال الله ، فقال له : المال مال المسلمين ، وانكر عليه بناء الخضراء التي انفق عليها الاموال الطائلة من بيت المال فكان يقول له :
« يا معاوية إن كانت هذه الدار من مال الله فهي الخيانة ، وان كانت من مالك فهذا الاسراف؟ »
واخذ يوقظ النفوس ، ويبعث روح الثورة على معاوية فكان يقول لأهل الشام :
« والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها. والله ما هي فى كتاب الله ولا في سنة نبيه ، والله اني لأرى حقا يطفأ ، وباطلا يحيى ، وصادقا يكذب ، وأثرة بغير تقى ، وصالحا مستأثرا عليه .. » (١)
وكان الناس يسمعون قوله ، ويؤمنون بحديثه ، وخاف معاوية من دعوة أبي ذر فكتب الى عثمان يخبره بخطره على الشام ، فكتب عثمان إليه ان يرسله على اغلظ مركب وأوعره ، فارسله معاوية مع جماعة لا يعرفون مكانته ، ولا يحترمون مقامه فساروا به ليلا ونهارا حتى تسلخت بواطن أفخاذه وكاد ان يتلف ، ولما بلغ المدينة مضى في دعوته فكان ينكر على عثمان أشد الانكار ويقول له :
« تستعمل الصبيان ، وتحمى الحمى (٢) وتقرب أولاد الطلقاء؟! »
__________________
(١) الانساب ٥ / ٥٢
(٢) اشار بذلك الى ما فعله عثمان فى منحه جميع المراعى التي حول المدينة لبنى أميّة ترعى فيها اغنامهم ، وحمى مواشي المسلمين منها وهو مناف للسنة فانها جعلت المراعي التي لا مالك لها لجميع المسلمين لأنها من المباحات الاصلية ، وقد قال رسول الله (ص) : الناس شركاء فى ثلاث فى الكلأ والماء والنار.