فالتاع هاشم واجابه
« تعيرني بعينى ، وإنما فقئت في سبيل الله ـ وكانت عينه اصيبت يوم اليرموك ـ ».
واصبح هاشم في داره مفطرا عملا بقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته » وفطر الناس لإفطاره ، وبلغ ذلك سعيدا ، فأرسل إليه وضربه ، وحرق داره ، وقد أثار حفائظ النفوس بهذا الاعتداء الصارخ على علم من أعلام الاسلام.
وأثر عنه انه قال : إنما السواد ـ اي سواد الكوفة ـ بستان لقريش فقام إليه الاشتر فقال له : أتجعل مراكز رماحنا ، وما أفاء الله علينا بستانا لك ولقومك؟ والله لو رامه أحد لقرع قرعا يتصأصأ منه ، وانضم الى الاشتر قراء المصر وفقهاؤهم فأيدوا مقالته ، وغضب صاحب شرطة سعيد فرد عليهم ردا غليظا فقاموا إليه فضربوه ضربا منكرا حتى اغمي عليه ، وقاموا من مجلسه وهم يطلقون ألسنتهم بنقده ، ويذكرون مثالب عثمان ، وسيئات قريش ، وجرائم بنى أميّة وكتب سعيد الى عثمان بخبره بأمر هؤلاء ، فأجابه عثمان ان يسيرهم الى الشام ، وكتب في نفس الوقت الى معاوية يأمره باستصلاحهم.
والمهم ان هؤلاء لم يرتكبوا اثما او فسادا ، ولم يقترفوا جرما حتى يستحقوا هذا التنكيل والنفى وانما نقدوا اميرهم لأنه شذ عن الطريق ، وقال غير الحق ، والاسلام قد منح الحرية التامة للمواطنين ، ومنها حرية النقد للحاكمين إن سلكوا غير الجادة ، وعدلوا عن الطريق القويم ، فعلى اي وجه يصحح نفيهم عن اوطانهم وهم لم يخلعوا يدا عن طاعة ولم يفارقوا جماعة .. وعلى أي حال فقد اخرجهم سعيد بالعنف ، وأرسلهم الى الشام