أما ان عثمان لم يدهن فى دينه فيزيفه اعلانه للتوبة ، وانه قد جافى العدل ، وانحرف عن الطريق القويم وهذا نص توبته :
« أما بعد : أيها الناس ، فو الله ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله وما جئت إلا وأنا أعرفه ، ولكني منتنى نفسي ، وكذبتني ، وضل عني رشدي ، ولقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : من زلّ فليتب (١) ومن أخطأ فليتب ، ولا يتمادى في الهلكة إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق ، فانا أول من اتعظ ، استغفر الله عما فعلت وأتوب إليه » (٢)
وهي صريحة في أنه سلك غير الجادة ، وشذ عن السنة الموروثة ، وأنه على بصيرة من ذلك لم يجهله ، ولم يغب عنه علمه وانما ارتكب ما ارتكب من المخالفات للسنة كهباته للأمويين ، وصلاته لآل أبى معيط ، وتنكيله باعلام الصحابة الناقدين لسياسته ، وغير ذلك من الاحداث الجسام ، انما هو استجابة لعواطفه ورغباته فان نفسه قد منته بذلك حتى ضل عنه رشده وفقد صوابه ـ على حد تعبيره ـ ومع اعترافه بذلك ، وتسجيله على نفسه انه انحرف عن الطريق كيف يمكن ان يقال إنه لم يدهن في دينه ، ولم يتعمد الجور والمحاباة.
٢ ـ أما ما ذكره من أن عثمان وسع على الناس من أموالهم لأنه رأى فى بيت المال غنى فآثر الناس به ، ولم يغل في الادخار .. فان هذا لا يمكن المساعدة عليه بوجه فان عثمان لم يوسع على الناس ، ولم يبسط لهم فى العيش وإلا لما ثاروا عليه ، وقتلوه ، وإنما وسع على نفسه وخاصته ،
__________________
(١) في رواية البلاذري من زل فلينب
(٢) تاريخ الطبري