« ولكني والله أدرى ما فيه : أمرته عام أول ، وأمرك العام .. » (١)
لقد مهد أبو بكر الأمر الى عمر ، وعبدّ له الطريق ، وتناسى أمير المؤمنين فلم يشاوره في الامر ، ولم يرع حقه ، وقد نطق عليهالسلام بعد سنين عما يكنه في نفسه من عميق الالم والحزن يقول في خطبته الشهيرة بالشقشقية :
فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ، حتى مضى الاول لسبيله ، فادلى بها الى فلان بعده ، ثم تمثل بقول « الأعشى » :
شتان ما يومي
على كورها |
|
ويوم حيان أخي
جابر |
فيا عجبا!! بينا هو يستقيلها في حياته (٢) إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها .. (٣)
وهذه الكلمات قد عبرت عن عظيم الوجد ، وبالغ الاسى الذي استقر في نفس الامام على ضياع حقه ، ويعتقد بعض كتاب العصر أن السبب في عدول أبي بكر عن اختياره ، هو تخلفه عن بيعته ، واحتجاجه عليه بأنه أحق بالأمر منه لقرابته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مما اوجب بغض أبي بكر له ، وحقده عليه.
وزاد المرض بأبي بكر ، وثقل حاله حتى وافاه الأجل المحتوم (٤)
__________________
(١) الامامة والسياسة ١ / ٢٠
(٢) اشارة الى قول ابي بكر بعد ما بويع « اقيلوني فلست بخيركم »
(٣) نهج البلاغة محمد عبده ١ / ٢٦ ـ ٢٧
(٤) توفى ابو بكر ليلة الثلاثاء لثمان ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وعمره ثلاث وستون سنة ، ومدة خلافته سنتان وثلاثة اشهر ذكر ذلك المسعودى في مروج الذهب ٢ / ١٩١ وكان في الجاهلية معلما للصبيان ،