واقبلت عائشة فارادت الدخول الى بيت الامام فمنعتها اسماء وقالت لها :
« لقد عهدت الي فاطمة أن لا يدخل عليها أحد .. » (١)
وقام الامام الثاكل الحزين فغسل الجسد الطاهر وطيبه بالحنوط ، وادرجه في الاكفان ودعا باطفالها الذين لم ينتهلوا من حنان امهم فالقوا عليها نظرة الوداع ، وقد علا منهم الصراخ والعويل ، وبعد الفراغ من ذلك انتظر الهزيع الاخير من الليل فلما حل خرج مع حفنة من الرجال وهم يحملون الجثمان المقدس الى مقره الاخير ، ولم يخبر امير المؤمنين احدا من الناس سوى الصفوة من اصحابه تنفيذا لوصيتها (٢) وحفر (ع) لها قبرا في البقيع على ما قيل (٣) ووسدها فيه واهال عليها التراب ، ولما انصرف من كان معه من المشيعين وقف على حافة القبر ونار الحزن قد لسعت قلبه ، فجعل يناجى الرسول ، ويؤبن زهراءه بكلمات تنم عن قلب افعم بالآلام والحسرات.
__________________
(١) اسد الغابة ٥ / ٥٢٤ ، كنز العمال ٧ / ١١٣
(٢) ذكر ذلك شراح البخاري من المجلد الثامن ص ١٥٧ وفي مستدر الحاكم ٣ / ١٦٢ عن عائشة قالت : دفنت فاطمة بنت رسول الله (ص) ليلا ودفنها على (ع) ولم يشعر ابو بكر حتى دفنت وصلى عليها علي ، ويوجد هذا الحديث في مسند احمد ١ / ٦ و٩ وفى صحيح مسلم ٢ / ٧٢ وفي تاريخ الطبرى ٣ / ٢١٢ وفي سنن البيهقي ٦ / ٣٠٠ وفي مشكل الآثار للطحاوي وذكره ابن كثير فى تاريخه ٥ / ٢٨٥ وقال فى ج ٦ / ٣٣٣ لم تزل فاطمة تبغضه مدة حياتها ، وفى السيرة الحلبية ٣ / ٣٩٠ قال الواقدي : ثبت عندنا ان عليا كرم الله وجهه دفنها رضي الله عنها وصلى عليها ومعه العباس والفضل ولم يعلموا بها احدا.
(٣) البحار ١٠ / ٥٢ وجاء فيه ان ابن بابويه يذهب الى انها دفنت في بيتها وذهب شيخنا ابو جعفر الطوسي الى انها دفنت اما فى دارها او فى الروضة.