ولما علمت بدنو الاجل المحتوم منها استدعت امير المؤمنين فاوصته بوصيتها ، وأهم ما فيها أن يواري جثمانها فى غلس الليل البهيم ، وأن لا يصلي عليها ، ولا يقوم على قبرها أحد من الذين ظلموها وجحدوا حقها لأنهم اعداؤها وأعداء أبيها ـ على حد تعبيرها ـ وانصرف الامام وهو غارق في البكاء ، قد استجاب لأحاسيس نفسه الولهى الذي لم يترك الزمن فيها فراغا لغير الاسى والحزن.
واحبت ان يصنع لها نعش يواري جثمانها المقدس لان الناس كانوا يضعون الميت على سرير تبدو فيه جثته فكرهت ذلك ، وما احبت أن ينظر إليها أحد فاستدعت اسماء بنت عميس (١) واخبرتها بما ترومه فعملت لها سريرا يستر من فيه قد شاهدته يوم كانت في الحبشة ، فلما نظرت إليه تبسمت وهي اول ابتسامة شوهدت لها بعد وفاة أبيها (٢)
__________________
(١) اسماء بنت عميس بن سعيد بن الحارث الخثعمي ، وامها هند بنت عوف ابن زهير من كنانة ، اسلمت قبل دخول رسول الله (ص) دار الارقم بمكة ، وبايعت وهاجرت الى ارض الحبشة مع زوجها جعفر بن ابى طالب. وقالت يا رسول الله ، ان رجالا يفخرون علينا أن لسنا من المهاجرين الاولين ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : بل لكم هجرتان هاجرتم الى ارض الحبشة ونحن مرهنون بمكة ، ثم هاجرتم بعد ذلك. روت عن النبي (ص) ستين حديثا ، وكان عمر بن الخطاب يسألها عن تفسير المنام ، وفرض لها الف درهم ، ولما استشهد زوجها تزوجها ابو بكر فولدت له الطيب محمد ولما مات ابو بكر تزوجها امير المؤمنين (ع) وهي اخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي (ص) واخت أمّ الفضل زوج العباس ، ترجمت في اسد الغابة ٥ / ٣٩٥ وتهذيب التهذيب والاستيعاب ، واعلام النساء وطبقات ابن سعد وغيرها.
(٢) مستدرك الحاكم ٣ / ١٦٢