وهو رافع عقيرته قائلا :
« أيها الناس اعطوا القصاص من أنفسكم في دار الدنيا ، فهذا رسول الله قد اعطى القصاص من نفسه »
ومضى الى دار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فاخذ السوط ، وجاء به الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأمره أن يدفعه الى سوادة ليقتص منه وتوجه المسلمون بقلوبهم قبل ابصارهم الى سوادة ينظرون هل يقتص من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ وهو بتلك الحالة قد فتك به المرض وأضناه السقام ، وانبرى سوادة وهو مرتعش الخطا قد غمرته عظمة الرسول وهيبته فقال له :
« يا رسول الله اكشف لي عن بطنك .. »
فكشف صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بطنه فقال له سوادة بصوت خافض :
يا رسول الله ، أتاذن لي أن اضع فمي على بطنك؟
فاذن له صلىاللهعليهوآلهوسلم فوضع سوادة فمه على بطن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ودموعه تتبلور على خديه وهو يقول :
« اعوذ بموضع القصاص من رسول الله من النار يوم النار »
فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : اتعفو يا سوادة أم تقتص؟
بل اعفو يا رسول الله
فرفع صلىاللهعليهوآلهوسلم يده بالدعاء له قائلا :
اللهم ، اعفو عن سوادة كما عفا عن نبيك محمد (١)
وتصدعت قلوب المسلمين ، وبلغ بهم الحزن الى قرار سحيق ، وايقنوا بنزلة القضاء المرهوب والرزء القاصم
__________________
(١) البحار ٦ / ١٠٣٥