أجيب : بأنّ الآية حجة لنا ، لأنّ المفهوم منه فاغسلوا لأجل الصلاة ، ومنه قولهم إذا لقيت الأمير فخذ أهبتك ، وإذا قابلت العدو فخذ سلاحك ، فإن المفهوم منه للقاء الأمير ومقاتلة العدو. وطهورية الماء مسلّمة ، ولكنّ الجمع بينه وبين قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّما الأعمال بالنّيات » (١) واجب. على أنّه يمكن العمل بطهورية الماء على الإطلاق في رفع الخبث لأنه كترك القبيح ، ولأن المقصود زوال عينه بالماء وقد حصل ، بخلاف الطهارة فإن الغرض بها العبادة.
ومحل النية القلب ، لأنّها إرادة. ولا يستحبّ الجمع عندنا بينه وبين القول ، للأصل ، ولعدم ذكر السلف إياه. وصار اليه بعض الأصحاب ، لأنّ اللفظ أشدّ عونا على إخلاص القصد (٢) ، وفيه منع ظاهر. والشيخ في الخلاف قال ـ في نية الصلاة ـ محلها القلب دون اللسان ، ولا يستحب الجمع بينهما ، محتجا بأنّ النية إرادة قلبية مؤثرة في تخصيص الفعل بوجهه ، ولا دليل شرعي على التلفظ بها (٣).
القول في كيفيتها : وللأصحاب فيها عبارات.
أولها : القربة وابتغاء وجه الله
. وهو في : النهاية (٤) ، والمقنعة (٥) ، واختيار البصروي ـ رحمهالله ـ لما مرّ.
وثانيها : أنّ ينوي رفع الحدث ، أو استباحة فعل مشروط صحته بالطهارة. وهو قول المبسوط ، ولم يذكر القربة (٦) ، والظاهر أنّه تركها لظهورها لا لما قاله
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٨٦ ح ٥١٩ ، مسند أحمد ١ : ٢٥ ، صحيح البخاري ١ : ٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥١٥ ح ١٥٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ ح ٢٢٠١ ، الجامع الصحيح ٤ : ١٠٧٩ ح ٢١٤٧ ، السنن الكبرى ٧ : ٣٤١.
(٢) كالعلامة في تذكرة الفقهاء ١ : ١٤.
(٣) الخلاف ١ : ٣٠٨ المسألة ٥٦.
(٤) النهاية : ١٥.
(٥) المقنعة : ١٥.
(٦) المبسوط ١ : ١٩.