البارزة على شتّى المصنّفات والتأليفات المنجزة حينذاك.
ويتلخّص هذا الأسلوب بـ : أنّه يستعرض أقوال ونظريات واستدلالات فقهاء العامّة أولا ثم يطرح أقوال ونظريات واستدلالات فقهاء الشيعة.
ولعلّ الفاضل الآبي قدسسره كان أول من انتفض على هذا الأسلوب وتلك المنهجية ، فصنّف كتابه « كشف الرموز » ممتنعا فيه عن ذكر أقوال ونظريات واستدلالات فقهاء العامّة.
وشدّ أزره وتابعه على ذلك من تلامذة العلاّمة الحلّي : ولده فخر المحقّقين في كتابه « إيضاح الفوائد » ، حيث استعاض عن نقل آراء وأدلّة فقهاء العامة بنقل آراء وأدلة فقهاء الشيعة.
ومع كلّ ذلك ، لا يمكن لنا أن ننكر النضوج والترقي اللذين أصابا الفقه الشيعي أبان مرحلة الشيخ الطوسي قدسسره ، فلا زالت آثاره المباركة إلى يومنا هذا مهوى أفئدة الطائفة بفقهائها ومفكّريها وأساتذتها وتلامذتها ، فهو المفخرة التي ساهمت في منح المذهب عزّة وكبرياء ومرتبة ورفعة. ولعلّ تفريعات « المبسوط » خير مصداق وأرفع مثل يحتذي به فيما نحن فيه.
كما لا يمكن تناسي دور العلاّمة الحلّي وكل من سبقه ومن تلاه في تدعيم وتثبيت أركان المؤسسة الفقهية الشيعية ، فلا زالت تفريعاته ـ لا سيّما في قسم المعاملات ، والمستفادة من النمط السنّي ـ مورد عناية وتوجّه أهل الفن والاختصاص ، والتي طبّقها على المتن الشيعي بشكل رائع من حيث الأساس والقواعد والأصول والمباني.
وشهيدنا الأول ، شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي ، وبفضل نبوغه الذاتي ومؤهّلاته الفريدة ، استطاع أن ينقّح الأصول والقواعد الأساسية للفقه الشيعي ، مجسّدا ذلك على متونه بشكل عملي قلّ نظيره ، وبخطواته الهائلة ـ التي حقّقها بجهوده العملاقة ـ تمكّن من أن يحدث فيه انقلابا وتحوّلا مصيريا ، مانحا إيّاه شخصيته الحقيقية وهويته المستقلّة.