فصل :
عن علي عليهالسلام : « إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة مثّل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت الى ماله فيقول : والله إنّي كنت عليك لحريصا شحيحا فما لي عندك؟ فيقول : خذ مني كفنك ، ويلتفت الى ولده ، فيقول : والله إنّي كنت لكم محبّا وإنّي كنت عليكم لمحاميا ، فما ذا عندكم؟ فيقولون : نؤدّيك إلى حفرتك نواريك فيها ، فيلتفت الى عمله فيقول : والله إنّي كنت فيك لزاهد وإن كنت عليّ لثقيلا ، فما عندك؟ فيقول : أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربّك.
فإن كان لله عزّ وجلّ وليّا ، أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا ، فقال : أبشر بروح وريحان وجنة نعيم ، ومقدمك خير مقدم ، فيقول له : من أنت؟ فيقول : أنا عملك الصالح ، ارتحل من الدنيا إلى الجنة ، وإنّه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يعجّله.
فإذا أدخل قبره أتاه ملكا القبر يجرّان إشعارهما ويخدّان الأرض بأنيابهما ، أصواتهما كالرعد القاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف! فيقولان له : من ربك؟
وما دينك؟ وما نبيك؟ فيقول : الله ربّي ، وديني الإسلام ، ونبيّي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. فيقولان : ثبّتك الله فيما تحبّ وترضى ، وهو قول الله عزّ وجلّ ( يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) الآية (١) ثم يفسحان له في قبره مدّ بصره ، ثم يفتحان له بابا إلى الجنّة ، ثم يقولان له : نم قرير العين نوم الشاب الناعم ».
فإذا كان لربّه عدوا فإنّه يأتيه أقبح من خلق الله زيّا وأنتنه ريحا ، فيقول له : أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم ، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حملته أن يحبسوه.
فإذا أدخل القبر أتاه ممتحنا القبر فألقيا أكفانه ثم يقولان : من ربك؟ وما
__________________
(١) سورة إبراهيم : ٢٧.