الجزع ، (١) وإن وجد مالا أطغاه الغنى ، وإن عضته فاقة(٢) شغله البلاء ، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أفرط به الشبع كظته البطنة ، (٣) فكل تقصير به مضر ، و كل إفراط له مفسد. فقام إليه رجل ممن شهد وقعة الجمل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر ، فقال : بحر عميق فلا تلجه ; فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر ; فقال : بيت مظلم فلا تدخله. فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر ; فقال : سر الله فلا تبحث عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر ، فقال : لما أبيت فإنه أمر بين أمرين لا جبر ولا تفويض. فقال يا أمير المؤمنين إن فلانا يقول بالاستطاعة وهو حاضر ، فقال علي عليهالسلام : علي به ، فأقاموه فلما رآه قال له : الاستطاعة تملكها مع الله أو من دون الله؟ وإياك أن تقول واحدة منهما فترتد ، فقال : وما أقول يا أمير المؤمنين؟ قال : قل : أملكها بالله الذي أنشأ ملكتها.
١٠٤ ـ ب : ابن حكيم ، عن البزنطي قال : قلت للرضا عليهالسلام إن أصحابنا بعضهم يقول بالجبر ، وبعضهم يقول بالاستطاعة ، فقال لي : اكتب قال الله تبارك وتعالى : يا بن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوتي أديت إلي فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، جعلتك سميعا بصيرا قويا ، ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذلك أني أولى بحسناتك منك ، وأنت ألى بسيئاتك مني ، وذلك أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فقد نظمت لك كل شئ تريد. (٤) «ص ١٥٥»
يد ، ن : أبي وابن الوليد ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي مثله. «ص ٣٤٩ ـ ٣٥٠ ص ٨٣»
________________
(١) أى هلكه الجزع.
(٢) أى إن اشتدت عليه الفاقة.
(٣) كظ الطعام فلانا : ملاه حتى لا يطيق التنفس : وكظ الامر فلانا ، غمه وكربه وبهظه؟ ، والمناسب للحديث المعنى الثانى.
(٤) تقدم ذيل الخبر الواقع تحت رقم ٣ ما يناسب هذا الخبر فراجعه.