والاخبار الصحيحة بخلافه وليس نعرف في لغة العرب أن العلم بالشئ هو خلق له ، ولو كان ذلك كما قال المخالفون للحق لوجب أن يكون من علم النبي صلىاللهعليهوآله فقد خلقه ، ومن علم السماء والارض فهو خالق لهما ، ومن عرف بنفسه شيئا من صنع الله تعالى وقرره في نفسه أن يكون خالقا له ; وهذا محال لا يذهب وجه الخطأ فيه على بعض رعية الائمة عليهمالسلام فضلا عنهم.
فأما التقدير فهو الخلق في اللغة لان التقدير لا يكون إلا بالفعل ، فأما بالعلم فلا يكون تقديرا ، ولا يكون أيضا بالفكر ، والله متعال عن خلق الفواحش والقبائح على كل حال. وقد روي عن أبي الحسن الثالث عليهالسلام أنه سئل عن أفعال العباد أهي مخلوقة لله تعالى؟ فقال عليهالسلام لو كان خالقا لها لما تبرأ منها وقد قال سبحانه : «إن الله برئ من المشركين» ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم ، وإنما تبرأ من شركهم وقبائحهم ، و كتاب الله تعالى المقدم على الاحاديث والروايات ، وإليه يتقاضى في صحيح الاخبار و سقيمها ، فما قضى به فهو الحق دون ما سواه ، قال الله تعالى : «الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الانسان من طين» فخبر بأن كل شئ خلقه فهو حسن غير قبيح ، فلو كانت القبائح من خلقه لما حكم بحسن جميع ما خلق ، وقال تعالى : «ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت» فنفى التفاوت عن خلقه ، وقد ثبت أن الكفر والكذب متفاوت في نفسه ، والمتضاد من الكلام متفاوت فكيف يجوز أن يطلقوا على الله تعالى أنه خالق لافعال العباد وفي أفعال العباد من التفاوت ما ذكرناه؟
٣٠ ـ ج : مما أجاب به أبوالحسن علي بن محمد العسكري عليهالسلام في رسالته إلى أهل الاهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض أن قال : اجتمعت الامة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها ، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون ، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي صلىاللهعليهوآله : لا تجتمع أمتي على ضلالة ، فأخبر النبي صلىاللهعليهوآله أن ما اجتمعت عليه الامة ولم يخالف بعضها بعضا هو الحق ، فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون ، ولا ما قاله المعاندون من إبطال
________________
«*» سيأتى الحديث مفصلا في الباب الاتى بصورة اخرى عن تحف العقول.