كما أن الظاهر عدم اختصاص ذلك بمن قصد إفهامه ، ولذا لا يسمع اعتذار من لا يقصد إفهامه إذا خالف ما تضمنه ظاهر كلام المولى ، من تكليف يعمه أو يخصه ، ويصح به الاحتجاج لدى المخاصمة واللجاج ، كما تشهد به صحة الشهادة بالإقرار من كل من سمعه ولو قصد عدم إفهامه ، فضلا عما إذا لم يكن بصدد إفهامه ،
______________________________________________________
المتكلّم ممن يعتمد على القرائن المنفصلة والحاليّة التي تكون عند المخاطب ، وعلى ذلك بنى عدم اعتبار ظهورات الأخبار التي وصلت إلينا عن الائمة عليهمالسلام بنقل الرّواة فإنّه لم يقصد بها تفهيم عامة الناس بل تفهيم السائلين ومن القي إليه خطاباتهم فقط ، وكذا ظهورات الكتاب المجيد بناء على اختصاص خطاباته بالمشافهين وعدم صحة مخاطبة الغائبين عن مجلس التخاطب فضلا عن المعدومين في ذلك الزمان ويذكر لهذا التفصيل وجها ، وهو أنّه إذا لم يكن من عادة المتكلّم الاعتماد على القرائن المنفصلة والحالية يكون منشأ الخطأ إما غفلة المتكلّم عن ذكر القرينة على المراد الاستعمالي أو المراد الجدّي أو غفلة السامع عن القرينة باستماعها ، وكلا الأمرين يدفع بأصالة عدم الغفلة الجارية في حق المتكلّم والمخاطب بخلاف ما كان من عادته الاعتماد على القرائن المنفصلة والحالية ، فإنّ أصالة عدم الغفلة الجارية في حقهما لا تفيد في إثبات كون ظاهر الكلام هو مراده حيث من المحتمل وجود قرينة بين المتكلّم والسامع ولم نطّلع على تلك القرينة ، وأوجب ذلك خطأنا في إصابة المراد ، أو لم تصل القرينة المنفصلة إلينا.
وعلى الجملة المنشأ لهذا التفصيل إرجاع الاصول الجارية في الخطابات إلى أصالة عدم الغفلة ، ولكن لا يمكن المساعدة عليه ؛ لأنّ أصالة الظهور أصل مستقل وكذا سائر الاصول اللفظية ، كما يشهد بذلك سماع الشهادة على الإقرار وغير ذلك مما أشرنا إليه فإنّه دليل قطعي على عدم انحصار اعتبار الظهورات بالمقصودين