واستشكل عليه بأنّ دعوى أنّ ما هو الملاك في صحة تعلق النهى بنفس أن لا تفعل من صحة استناد العدم الى الفاعل بقاء وان لم يصح حدوثا هو الملاك في صحة استناد عدم جعل الاحكام الى الجاعل فلا مانع من شمول القاعدة لها واثبات الحكم بها مندفعة بأنّ هذا يصح فيما تعلق الجعل بالعدم بأن يجعل عدم الضمان مثلا فما لم يتعلق الجعل به رفعا ووضعا لا يمكن اثبات الجعل فيه بالقاعدة.
واجيب عنه بأنّ المستفاد من قاعدة لا ضرر هو نفي ما ينشأ منه الضرر ممّا يمكن أن يستند إلى الشارع ولا فرق فيه بين الأحكام العدمية والوجودية ولا يلزم فيه الجعل بل يكفى صحة الاستناد.
ولقد أجاد وأفاد الشهيد الصدر قدسسره من أنّا جعلنا النفي منصبا على الاضرار الخارجية وقد خرج من اطلاقها بمقيد كالمتصل الضرر غير المرتبط بالشارع والذى لا يستطيع الشارع بما هو مشرع رفعه أو وضعه فيبقى ما عداه تحت الاطلاق سواء كان من جهة حكم من الشارع أم عدم حكم كالترخيص من قبله.
التّنبيه الثّالث : في عدم جواز اضرار الغير لدفع الضرر المتوجه إلى نفسه كما لا يجب دفع الضرر عن الغير باضرار نفسه.
والوجه في ذلك أنّ الجواز في الأول والوجوب في الثاني حكمان ضرريان ومقتضى عموم حديث نفى الضرر هو نفيهما هذا مضافا إلى امكان أن يقال إنّه لا اشكال في أنّ مقتضى القواعد الأولية مع قطع النظر عن قاعدة لا ضرر عدم جواز اضرار الغير لدفع الضرر المتوجه إلى نفسه في الفرض الأول لأنّه من اضرار المؤمن الدال على حرمته اخبار كثيرة.
وهكذا مقتضى القواعد المذكورة عدم وجوب دفع الضرر عن الغير في الفرض الثاني لعدم الدليل على وجوب حفظ مال الغير سواء استلزم الضرر على نفسه أو لا.
وأيضا لا يجوز اضرار الغير بسبب الاكراه عليه لأنّ توسطه في ايصال الضرر إلى الغير اضرار المؤمن فيحرم بأدلته وكونه مكرها في ذلك لا يخرجه عن الحرمة لقصور أدلة الاكراه