حجية وجوب الأقل كما يظهر من كلام الشيخ قدسسره بل من ناحية عينية وجوب ذات الأقل لوجوب المركب ويشهد له عدم التردد في وجوبه مع أنّ التردّد ممّا يتقوم به العلم الإجمالي وهو الظاهر من كلام المحقّق اليزدي وسيّدنا الإمام المجاهد قدسسرهما.
الوجه الثانى للبراءة العقلية : هو الانحلال بالعلم التفصيلي بمطلوبية الأقل نفسيا أو مقدميا وهو يستفاد أيضا من كلام الشيخ الأعظم قدسسره في جريان البراءة في الأقل والأكثر الارتباطيين وهو كما صرّح الشيخ به أنّ الموجود في المقام علم تفصيلي وهو وجوب الأقل بمعنى ترتب العقاب على تركه وشك في أصل وجوب الزائد ولو مقدمة.
وبالجملة فالعلم الإجمالي فيما نحن فيه غير مؤثر في وجوب الاحتياط لكون أحد طرفيه معلوم الالزام تفصيلا والآخر مشكوك الالزام رأسا ودوران الالزام في الأقل بين كونه مقدميا أو نفسيا لا يقدح في كونه معلوما بالتفصيل لما ذكرنا من أنّ العقل يحكم بوجوب القيام بما علم اجمالا أو تفصيلا الزام المولى به على أيّ وجه كان ويحكم بقبح المؤاخذة على ما شك في الزامه والمعلوم الزامه تفصيلا هو الأقل والمشكوك الزامه رأسا هو الزائد والمعلوم الزامه اجمالا هو الواجب النفسي المردّد بين الأقل والأكثر ولا عبرة به بعد انحلاله إلى معلوم تفصيلي ومشكوك كما في كلّ معلوم اجمالي يكون كذلك (١).
وفيه : ما عرفت من عدم المغايرة بين الأجزاء الداخلية والمركب لأنّ المركب عين الأجزاء بالأسر ومعه فلا مجال للوجوب المقدمي حتّى ينكره بعض ويثبته آخر بحسب ما تقدم في محله من وجوب المقدمة وعدمه ولو سلمنا المغايرة بينهما وكون الوجوب في الأقل مقدميا يرد عليه ما أورده صاحب الكفاية من أنّ الانحلال فاسد قطعا لاستلزام الانحلال المحال بداهة توقف لزوم الأقل فعلا إمّا بنفسه أو لغيره على تنجز التكليف مطلقا ولو كان متعلقا بالأكثر فلو كان لزومه كذلك مستلزما لعدم تنجزه إلّا إذا كان متعلقا بالأقل كان خلفا مع أنّه يلزم من وجوده عدمه لاستلزامه عدم تنجز التكليف على كلّ حال المستلزم
__________________
(١) فرائد الاصول / ص ٢٧٤.