ناظر إلى نفى الأحكام الضررية في عالم التشريع.
لانّا نقول : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا ضرر» يدل على نفى الضرر مطلقا من ناحية الأحكام ومن المعلوم أنّ تجويز الاضرار بالنفس ضرر كما أنّ تجويز ذلك بالنسبة إلى الغير ضرر ومقتضى الاطلاق هو نفى التجويز مطلقا.
فتحصل أنّ الملاك في شمول حديث لا ضرر وعدمه هو صدق الامتنان وعدمه لا الاقدام وعدمه ولا دليل على تخصيص النفى في حديث «لا ضرر» بنفى الزام المكلّف بل يعمّ مطلق الضرر ولو كان ناشئا من التجويزات ثم إنّه لو سلمنا عدم تمامية دلالة حديث لا ضرر على حرمة الاضرار بالنفس فقد استدل بوجوه اخرى وهى امور :
منها قوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)
وفيه : أنّه لا يدل إلّا على صورة كون الضرر موجبا للهلاكة او ما يدانيها اذا الهلاكة أخص من عنوان الضرر.
ومنها : ما رواه في الكافى والعلل والمحاسن بسند مرسل أو مجهول عن ابي عبد الله عليهالسلام ورواه في الفقيه بسند مجهول عن أبى جعفر وعن أبي عبد الله عليهالسلام حديث طويل من قوله عليهالسلام إنّ الله تعالى لم يحرّم ذلك على عباده وأحلّ لهم ما سواه من رغبة منه فيما حرّم عليهم ولا زهدا فيما أحلّ لهم ولكنّه عزوجل خلق الخلق وعلم ما يقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحلّه لهم واباحه تفضلا عليهم به تبارك وتعالى لمصلحتهم وعلم عزوجل ما يضرّهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم إلى أن قال عليهالسلام أمّا الميتة فإنّه لا يدمنها أحد إلّا ضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوته وانقطع نسله الحديث بدعوى انّ الظاهر منها انّ علة حرمة المحرمات هى اضرارها بالنفس فالحرمة تدور مدار الاضرار بالنفس.
وفيه : أنّ التأمل فيها يشهد بعدم دلالتها على حرمة الاضرار بالنفس حيث إنّ المستفاد منها أنّ الحكمة في تحريم جملة من الأشياء كونها مضرة بنوعها لا أنّ الضرر موضوع للتحريم وعلة له.