لدعوى الانصراف مع أنّه أقدم على الضرر بل شمول لا ضرر يدل على ممنوعية الإقدام المذكور وهذا الشمول موافق للامتنان فالمعيار في شمول لا ضرر أنّه موافق للامتنان أو غير موافق فإن كان موافقا للامتنان فلا يضره الإقدام والّا فلا وجه للشمول فالقول بعدم الشمول بمجرد الاقدام ممنوع.
وثالثا : أنّ الصحيح هو التفصيل بين ما إذا كان ذلك الغرض نفس الأمر الضرري أو معلولا له بحيث ينتفى بنفى الحكم الضرري وبين ما إذا كان الغرض في أمر يكون مستلزما للضرر أو علة له.
فالأول : هو الحاصل في الاقدام على المعاملة الغبنية فإنّ غرض المشترى المغبون في نفس المعاملة وتملك البيع تملكا مطلقا لازما رغم الغبن فيه فهو يقدم على الحكم الضررى ابتداء لأنّ غرضه في ذلك وهنا لا اشكال في عدم المنّة في رفع الحكم بصحة المعاملة ولزومها.
والثانى : هو المحقق في باب الاجناب عمدا فان غرض المكلف ليس في الاقدام على الغسل ولا فيما يتوقف على الغسل بل الامر بالعكس فانه يريد الاجناب الذى هو علّة قهرية لوجوب الغسل ومن امنيّاته أن لا يكون هذا الاجناب علة لوجوب الغسل فيتوصل إلى مقصوده من دون هذه التبعية ومن المعلوم أنّ في هذا النوع من الاقدام على الضرر لا يكون نفى الحكم الضرري على خلاف الامتنان بل على طبق الامتنان فلا مانع من اطلاق الحديث لنفى مثل هذا الحكم الضررى فليس مجرد الاقدام مانعا عن شمول حديث نفى الضرر بل العبرة في الشمول وعدمه هو صدق الامتنان وعدمه.
وممّا ذكر يظهر أنّ حديث لا ضرر يشمل الوضوء الضررى من جهة أنّه مستلزم للضرر والمتوضى لا يقدم إلّا على العبادة فالوضوء بما هو مستلزم للضرر حرام وبما هو معنون للعبادة مطلوب ومقتضى القول بجواز اجتماع الامر والنهى هو صحة العبادة.
لا يقال : «لا ضرر» لا يدل على حرمة الاضرار بالغير فضلا عن الاضرار بالنفس لأنّه