التفصيل بين كون الاحتياط مستلزما للتكرار وعدمه أقوال والأقوى هو الأوّل إذ لا دليل على اعتبار قصد الوجه مع صدق تحقق الاطاعة على الاتيان بالمأمور به بدونه سواء استلزم التكرار أو لم يستلزم.
نعم لو شك في اعتبار قصد الوجه وعدمه وتمكن منه بالفحص عن الأدلّة أو رأى مجتهده أمكن القول بوجوب الفحص لاحتمال دخالته في الاحتياط وادراك الواقع ولكن عرفت عدم الدليل على دخالة قصد الوجه فيه شرعا ولا فرق فيه بين استلزام الاحتياط للتكرار وعدمه.
ودعوى الاجماع على اعتبار نيّة الوجه غير ثابتة هذا مع احتمال أن يكون مورد الاجماع هو وجوب قصد القربة لا وجوب قصد الوجه فتحصّل أنّ الاحتياط مطلقا لا يتوقف على الفحص والعلم بوجه الأحكام من الوجوب أو الندب ومع عدم توقفه على ذلك يجوز الاحتياط في العباديات كالتوصّليات من دون فرق بين استلزام الاحتياط للتكرار وعدمه.
وأمّا البراءة فالكلام فيها يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في البراءة العقلية ولا يخفى عليك أنّه لا يجوز اجراؤها إلّا بعد الفحص واليأس عن الظفر بالحجة على التكليف وذلك لأنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان لا مورد لها إلّا بعد ثبوت موضوعها وهو عدم البيان ولا يثبت هذا الموضوع إلّا بالفحص واليأس عن الظفر بالحجة ولا فرق في ذلك بين الشبهات الموضوعية والحكمية ما لم يرخّص الشارع.
وأمّا إذا رخّص الشارع فهو ترخيص شرعى يرفع به عما يقتضيه الدليل العقلى لأنّ حكم العقل بالاحتياط قبل الفحص يكون من باب الاقتضاء ومعه يمكن الترخيص الشرعى.
المقام الثّاني : في البراءة الشرعية وهى إمّا في الشبهة الموضوعية التحريمية وإمّا في الشبهة الموضوعية الوجوبية وإمّا في الشبهة الحكمية.