أمّا الشبهة الموضوعية التحريمية فلا دليل على اعتبار الفحص في جريان البراءة فيها لاطلاق بعض الادلة الدالة على البراءة الشرعية من حيث الفحص وعدمه كقوله عليهالسلام كل شيء منه حرام وحلال فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ اطلاق الأخبار منصرف عن الموارد التى يمكن تحيل العلم فيها بسهولة ومع الانصراف لا مجال للبراءة قبل الفحص الذى لا يحتاج الى مئونة.
نعم يجرى البراءة من دون فحص إذا كان الفحص محتاجا إلى دقة واعمال نظر كما يدل عليه صحيحه زرارة حيث قال قلت لأبى جعفر عليهالسلام فهل علىّ إن شككت في أنّه أصابه شيء أن انظر فيه قال لا ولكنّك إنّما تريد أن تذهب بالشك الذى وقع في نفسك.
وذلك لأنّ النظر هو الفحص مع الدقّة فالمنفى في هذه الرواية هو فحص خاصّ لا مطلق الفحص وإن كان مع سهولة.
وأمّا الشبهة الموضوعية الوجوبية فالأمر فيها أوضح لعدم دليل خاص فيها يدلّ بالاطلاق على عدم الحاجة إلى الفحص فالشك الذى أخذ موضوعا فيها منصرف من الموارد التى يمكن تحصيل العلم فيها بسهولة بل يصدق العلم المأخوذ في الغاية على ما لو تفحص لظفر به فالأقوى عدم جواز اجراء الأصل مطلقا إذا كان الواقع ينكشف بأدنى فحص وليس الشك مستقرا.
وأمّا الشبهات الحكمية فقد استدل لاعتبار الفحص فيها بأمور.
الأول : دعوى الاجماع القطعى على عدم جواز العمل بأصل البراءة قبل استفراغ الوسع في الأدلة.
أورد عليها بأنّ الاجماع هاهنا غير حاصل ونقله لوهنه بلا طائل فإنّ تحصيله في مثل هذه المسألة ممّا للعقل إليه سبيل صعب.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الاجماع في مثل المقام غير متوقف على الأدلة الموجودة المذكورة فيه بحيث لو لا الأدلة كان بناء الأصحاب على لزوم الفحص فهذا الاجماع العملى منهم حجة